حرب الإنترنت الأميركية تدفع بالخليجيين لإيران النووية
عربي و دوليمارس 21, 2010, منتصف الليل 1610 مشاهدات 0
تقتضي موضوعية اتخاذ القرار السياسي تجاوز اغراءات المكاسب الانية،وتبني البعد الاستراتيجي في اتخاذ القرار، وفي الوقت نفسه تجاوز التصريحات التي تحجب الرؤية ،ومن تلك التصريحات المثبطة للعزائم ما أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن التصدي للبرنامج النووي الإيراني من أولوياته الاساسية كما قال في خطاب له في 18 مارس الجاري ،ثم اضاف يوم الجمعة الماضي بضرورةالوصول الحر للانترنت لايران،في اعلان صريح لتبني واشنطن للقوة الناعمة ضد طهران. ومما هو معروف أن ايران كانت أولوية اساسية لجورج بوش الذي كان اشد تطرفا وحزما منه ببون شاسع، لكنه ذهب دون ان يغلق ذلك الملف، اما الرهان على التغيير من الداخل بالانترنت فقد ابرزت الكدمات الدامية في صدغ موسوي وكروبي أن نظام نجاد ممسك برقبة الشارع الايراني بقبضة من حديد
وكما يبدوا فقد قررت بعض دول مجلس التعاون الرهان على الممكن وليس المستحيل بعد أن وصلت الى قناعة بان المستحيل هوالتصريحات السابقة للادارة الاميركية،وان الممكن هو نجاح ايران في تحقيق هدفها الوطني الاسمى وهو امتلاك سلاح الردع النووي .و قد دعم تلك القناعة مؤخرا مؤشرات عدة منها الرفض الصيني لسن عقوبات قاسية على ايران رغم المحاولات المستميتة لوزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس قبل ايام في إقناع دول الخليج بضمان توفير النفط للصين بديل للنفط الايراني. كما رفعت حالة اليأس الخليجية مماطلات روسيا في الانضمام الى العقوبات القاسية التي تلوح بها واشنطن ،ليس ذلك فحسب بل وصفع السيدة كلينتون حال وصولها موسكو بتصريح 'بوتين' قرب وفاء روسيا بتعهداتها وانجاز مفاعل بوشهر وتشغيله هذا الصيف، ثم تراجع روسيا وتبني المشاركة في عقوبات بشرط ان تكون ذكية . كما دفع بعض الخليجيون لطهران إعلان تل ابيب من وجهة نظر عسكرية وعلى لسان كبار ضباطها العجز عن تنفيذ ضربة اسرائيلية ناجحة للمشروع النووي الايراني في المدى القريب أوالمتوسط . واخيرا فشل واشنطن في تعبئة الرأي العام العالمي ضد ايران،وانضمام دول عدة الى طابور المناوئين للسياسة الاميركية .
ولاشك ان تبادل الزيارات بين كبار مسؤولي دول الخليج وطهران و توقيع بعض دول مجلس التعاون لاتفاقيات أمنية وسياسية واقتصادية مع جمهورية ايران الاسلامية مؤشر على علاقات حسن الجوار،ورفض لركوب سفينة الحشد الغربي ، كما انه مؤشر على نجاح دبلوماسية طهران في تعبيد طرق عدة وصلت بها الى اقناع عواصم خليجية ان مشروعهم النووي بشقيه العسكري والمدني قائم لا محالة . حيث إن سعي ايران لامتلاك السلاح النووي لم يأت كرد فعل عابر على تهديد خارجي يجعل ذلك الطموح يزول مع زوال الخطر، حيث لم يظهر الطموح طوال الحرب العراقية الايرانية بسنواتها الثمان القاسية،بل هو طموح أصيل نابع عن قناعة تقوم على مرتكزات حضارية فيها جوانب عقائدية وأستراتيجة معاصرة.
ولأن التغيير في المواقف السياسية وصنع القرار في عواصم خليجية عدة يتم من خلال النخب الحاكمة ومستشاريهم بمعزل عن الرأي العام أو مراكز الدراسات الاستراتيجية، فقد غيرت تلك العواصم نظرتها لطهران تحت ذريعة الموقف المحايد دون الرجوع الى التراث الجماعي لمجلس التعاون أو للشارع الخليجي المتوجس دوما من الشرق.بل إن من المؤسف ان نرى مؤشرات عدة تشير الى تسابق خليجي في عرض الأبتسامات المنفردة لطهران دون وجود ضمانات او مكاسب من هذا التقرب العجول .
إن جل ما يتطلع اليه الباحث هو تسليط أضاءات على مكونات ما يجري ووضع اجابات موضوعية لمتابعيه ،لكن الشفافية الغائبة تحت سماء خليجنا تجعل الاسئلة اكثر من الاجابات ، ومنها لماذا اصاب بعضنا الهلع فجأة؟ وكيف خرج البعض من مظلة مجلس التعاون الخليجي كإطار سياسي موحد للتقرب من طهران؟ بل ومن الاطار الامني المتمثل في منظومة الامن الجماعي الخليجية ؟ ومن الدرع الصاروخي الاميركي المدفوع ثمنه مقدما عبر الاتفاقيات الامنية و الذي عرضت حليفتنا واشنطن نشره في الشهر الماضي فتبرأنا منه كوصمة عار كما كنا نفعل في الستينيات ؟
لاشك إن اراء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حيال الطموح النووي الايراني قد أتسمت في الماضي بالايقاع غير المنضبط نتيجة حسابات ومكاسب آنية قصيرة النظر،فاستغلت طهران ذلك الصخب .والخوف قائم الان من أن تتسلل الى منصة المايسترو لتأليب اعضاء الفرقة ضد من لايروق لها عزفهم.فإن تم ذلك، فإن مايجري من هرولة لطهران هو الغباء الاستراتيجي بعينه .
تعليقات