عامر التميمي يؤكد أن إنهاء ملف تجنيس البدون يعزز مكانة الكويت عالميا ويحمى سجلها فى حقوق الإنسان
زاوية الكتابكتب سبتمبر 28, 2007, 8:12 ص 726 مشاهدات 0
مسألة «البدون..»
عامر ذياب التميمي
بحكم الدور الذي أتولاه في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان تُطرح علي أسئلة من أطراف متنوعة، مثل ممثلي السفارات الأجنبية أو مندوبي منظمات حقوق الإنسان الدولية أو المنظمات الأهلية المتخصصة أو غيرها من هيئات أو شخصيات، وتتمحور تلك الأسئلة حول الحلول المتوقعة لهذه المسألة في الكويت.. وبطبيعة الحال لا أملك إجابات، مثل غيري من المهتمين بمسائل حقوق الإنسان أو هذه المسألة بالذات، لكنني أملك تمنيات ومقترحات لحلول واقعية.. وقد جاء الخبر الذي نشر في جريدة «الوطن» يوم الثلاثاء 25 سبتمبر (أيلول) في شأن وجود قرار حكومي غير معلن في شأن تجنيس خمسة آلاف من أفراد فئة «البدون» بالجنسية الكويتية دون النظر للآخرين وأحقيتهم بالتجنس، جاء ليطرح المسألة من جديد وكيف يمكن الانتهاء من هذا الملف من دون أضرار وطنية أو غبن بحقوق أفراد «البدون».. إنه مما لا شك فيه ان عددا من أفراد البدون يستحقون التجنس منذ زمن بعيد نظرا لقرابتهم للكويتيين، وأحيانا قرابة من الدرجة الأولى أو تواجدهم في البلاد منذ زمن سحيق يزيد عن نصف القرن ووجود أسمائهم في قيود تعداد 1965 الذي اعتمد كعنصر من عناصر الأهلية للتجنس، ولذلك لابد من انهاء ملفات تجنيس هؤلاء وفي أسرع وقت.. وقد يكون عدد المستحقين خمسة آلاف أو أكثر قليلا، وهذا يعتمد على المعايير التي اعتمدها المسؤولون لتحديد هؤلاء المستحقين. بيد أن المشكلة المهمة التي يعاني منها «البدون» تتمثل بفقدان حقوق إنسانية مهمة وكثيرة مثل حق الالتحاق بعمل أو توافر ترخيص رسمي بالإقامة في البلاد بما يؤهل التمكن من الحصول على حقوق أساسية كثيرة.. ويتطلب الأمر اتخاذ قرارات مهمة تمكن هؤلاء «البدون» وعددهم لا يتجاوز 85 ألف نسمة من التمتع بالحقوق التي تتوافر للوافدين الآخرين ومن ثم إنجاز الواجبات المطلوبة منهم.. ان بلدا مثل الكويت يستورد عمالة من الخارج ويصل أعداد هذه العمالة الى ما يقارب 1.5 مليون حري بها ان تستفيد من أبناء «البدون»، وخصوصا المتعلمين منهم في مختلف الأنشطة والأعمال خصوصا في منشآت القطاع الخاص.. وكما هو معلوم ان أفراد فئة البدون لا يعرفون بلدا غير الكويت، على الأقل أغلبيتهم، ومن ثم سينفقون «مداخيلهم» داخل الكويت ولا تهدر خارج الكويت من خلال تحويلات، كما يفعل جميع الوافدين من الجنسيات العربية يضاف الى ذلك لابد من توفير الهويات المناسبة لأبناء البدون للاستفادة من الخدمات المتاحة للوافدين مثل خدمات العلاج الطبي أو توثيق عقود الزواج والطلاق وإصدار شهادات الميلاد وغير ذلك من حقوق مشروعة.. هذه التسهيلات تمكن أفراد فئة «البدون» من العيش الكريم والعمل بموجب القوانين والأنظمة في البلاد دون تجاوز لحقوق السيادة الوطنية.. ويمكن الاستفادة من هؤلاء البدون في الكثير من الوظائف التي يعزف الكويتيون عن شغلها وهي كثيرة ويمكن للمسؤولين في إدارات العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رصدها ووقف الترخيص باستيراد عمالة من الخارج لشغلها مادام هناك مقيمون في الكويت، وممن ولدوا وترعرعوا في الكويت، يمكن لهم الالتحاق بها.. اما التعليم فإنه سيؤدي الى رفع درجة الوعي بين أفراد «البدون» ويزيد ارتباطهم بالثقافة الوطنية والقيم الكويتية ويزيد من ترابطهم بالمجتمع الكويتي ويعزز ولاءهم للبلاد.. إذ تمكين البدون من الاستفادة من هذه الحقوق الطبيعية سيعزز مكانة الكويت في المحافل الدولية ويؤدي الى توقف الحملات المسعورة التي يشنها عدد من الموتورين العرب من الذين يبحثون عن قضايا يستخدمونها لشن الهجوم على الكويت. قد يتحفظ الكثير من الكويتيين على مسألة تجنيس أعداد كبيرة من البدون ولكن لابد من الإقرار بأن هناك عددا من هؤلاء يستحقون الجنسية الكويتية وهناك من استشهد آباؤهم أو أبناؤهم من أجل الكويت ورموزها مثل أولئك الذين فقدوا حياتهم دفاعا عن المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير البلاد الراحل عندما حاولت أيادي الغدر اغتياله في عام 1985 .. وهناك من استشهد في الحروب العربية التي شاركت فيها الكويت في عام 1967 وعام 1973، وأهم من ذلك الدفاع عن تراب الكويت عندما حلت جيوش الغدر الصدامية في الكويت يوم 2 أغسطس (آب) 1990 أو أثناء الاحتلال العراقي البغيض.. لكن ما هو مطروح هو توفير الحقوق الأساسية التي يستحقها الآدميون قبل التجنيس.. من جانب آخر لابد من الإقرار ان قصة «البدون» هي قصة كويتية نتيجة للإهمال وتواضع الادارة المتعلقة بالسكان، ولذلك علينا ان نتبع خطوات واقعية ومنطقية ومتدرجة لكي نضع هذه القضية وراءنا وفي الوقت ذاته نستفيد من طاقات أفراد البدون في عملية التنمية الشاملة في البلاد وبموجب معايير أخلاقية رشيدة.. ويستلزم الأمر الوضوح في القرارات المتعلقة بهذه المسألة حتى يتفهم الجميع طبيعة المعالجات من دون التباس.
باحث اقتصادي كويتي
تعليقات