بعد الإعلان الأخير عن تحوّل قوى 11/11 إلى تيار وطني مدني جديد،..أحمد الديين يري أن هناك نموا لتيار معبر عن مصالح الفئات الشعبية بعدما تخلت عنها التيارات الأخرى
زاوية الكتابكتب فبراير 11, 2010, منتصف الليل 921 مشاهدات 0
أحمد الديين
إرهاصات تطوير الحياة السياسية!
كتب احمد الديين
الإعلان الأخير عن تحوّل قوى 11/11 إلى تيار وطني مدني جديد، وكذلك استئناف محاولة تأسيس«حركة العمل الشعبي» كإطار سياسي جامع لأنصار الكتلة البرلمانية القائمة يمثلان إرهاصاً لتطوّر مستحق في العمل السياسي المؤسسي، الذي شهد خلال السنوات الأخيرة أزمات حادة في وضع تياراته القائمة وتراجعات مؤسفة لدورها أدّت إلى تكريس الطابع الفردي في العمل السياسي، بما في ذلك في العملية الانتخابية والنشاط البرلماني!
والملاحظة الأساسية في المحاولتين الأخريين أنّ قوى 11/11 وكذلك أنصار«كتلة العمل الشعبي هما الأقرب إلى ما يمكن أن يُسمى تيار «المعارضة الجديدة» ذو الطابع الشعبي، أو «الشعبوي» وفق التوصيف السلبي، الذي يطلقه عليه خصومه، ولكنه في واقع الحال هو التيار البديل للمعارضة الوطنية التقليدية، التي تحلل التيار الغالب فيها منذ نهاية الألفية الثانية من توجهاته وأفكاره القومية واليسارية وتخلى معها أيضاً عن نزعته الراديكالية المعارضة وتحوّل إلى تيار«ليبرالي» بل وأحياناً “نيو ليبرالي نخبوي» ذي طابع مناطقي فئوي، حيث تسود تيار«المعارضة الجديدة» نزعات ذات صلة بالاقتصاد ذي التوجّه الاجتماعي مؤيدة لدور القطاع العام في الاقتصاد؛ ومدافعة عن المكتسبات الشعبية، ومع ذلك فإنّ هذا التيار ليس وريثاً للتيار اليساري ذي التوجهات الاشتراكية التقدمية، الذي كان ناشطاً في السبعينيات والثمانينيات ولا هو امتداد له، بغض النظر عن الاتهامات أو الادعاءات!
ولعلّ هذا ما يقودنا إلى ملاحظة أخرى وهي أنّ تيار«المعارضة الجديدة» على اتساع قاعدته الاجتماعية كونه يعبّر عن الفئات الشعبية محدودة الدخل ومتوسطته، خصوصاً في صفوف أبناء القبائل، إلا أنه يفتقد التقاليد التنظيمية والخبرات السياسية للعمل المؤسسي والكوادر الحزبية، التي كانت تتميّز بها التيارات السياسية التقليدية ولا تزال، وهذه نقطة ضعف جديّة يعانيها تيار«المعارضة الجديدة»، وهي في الوقت ذاته أحد أبرز التحديات، التي يواجهها في عملية تحوّل بعض أطرافه إلى تنظيمات سياسية... هذا ناهيك عن تحديات أخرى من بينها على سبيل المثال الانتقال بوضع قوى 11/11 من كونها تنظيمات ذات تكوين نقابي غالب إلى تيار ذي تكوين سياسي، وكذلك تحديات انتقال أنصار«كتلة العمل الشعبي» ومؤيديه إلى عناصر يجمعها خط سياسي ملزم وإطار تنظيمي موحد، بمَنْ فيهم النواب، الذين يشكلون الآن مركز القرار ومرجعيته، وهذه تحديات لا يمكن التهرّب من استحقاقاتها إذا كانت هناك محاولات جادة للانتقال إلى مثل هذا الوضع المؤسسي، وهو انتقال لن يكون سهلاً وتلقائياً، بل ستكون له مصاعبه وتعقيداته ومعاركه وأخطاؤه.
ومع ذلك كله، فإنّ هناك آفاقاً واعدة لتطوّر تيار«المعارضة الجديدة»، ذلك أنّ هناك حاجة موضوعية لوجود مثل هذا التيار المعبّر عن مصالح الفئات الشعبية، بعدما تخلّت معظم التيارات السياسية التقليدية عن مثل هذا التعبير أو حتى الادعاء به... وأحسب أنّ هناك قضايا سيدور حولها الصراع السياسي والاجتماعي في البلاد خلال المرحلة المقبلة ستؤكد أهمية وجود مثل هذا التيار.
أخيراً، لعلّ هناك مبادرة مستحقة من قوى هذا التيار، بل هي مبادرة مستحقة من مختلف التيارات السياسية القائمة والجديدة، أياً كانت توجهاتها، تتمثّل في التحرك الجماعي من أجل إقرار قانون ينظّم عملية تأسيس الجمعيات السياسية... فهذه هي الخطوة الجادة الأولى على طريق تطوير الحياة السياسية في الكويت.
تعليقات