د.صلاح الفضلي يصف تصرف الحكومة بمحاولة حجب موقع 'الميزان' بأنه غباء سياسي زاد من شهرة الموقع وتحول إلى ظاهرة جديدة اسمها 'محمد عبدالقادر الجاسم'

زاوية الكتاب

كتب 2121 مشاهدات 0




ظاهرة محمد عبدالقادر الجاسم
د. صلاح الفضلي
 
منذ أنشأ الأستاذ المحامي محمد عبدالقادر الجاسم موقعه الإلكتروني 'الميزان' على شبكة الإنترنت في أبريل من عام 2005 وبدأ ينشر فيه مقالاته الساخنة جداً، وهذا الموقع يحظى بشهرة ومتابعة كبيرين على الصعيد المحلي، بل حتى على الصعيد الخليجي على ما أعتقد. الأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم من الصحافيين المعروفين بالصحافة الكويتية، فهو ترقى في مدارج الصحافة حتى وصل إلى منصب رئيس لتحرير جريدة 'الوطن' في الفترة 1997-2005، وقبل ذلك كان نائباً لرئيس تحرير الجريدة نفسها في الفترة من 1994-1997، ولكونه يحتل هذا الموقع المتقدم في الصحافة الكويتية، فهو بالضرورة مطلع على كثير من المعلومات وتفاصيل ما يجري خلف الكواليس، وزيادة على ذلك فهو يتميز بالجرأة في الطرح والدفاع عن رأيه.

برغم صراحة وجرأة ما كان يكتبه الأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم كرئيس تحرير لجريدة 'الوطن'، فإن هذه الجرأة لا يمكن أن تقارن بما تحويه مقالاته على موقعه الإلكتروني من تجاوز الخطوط الحمراء كلها، فهو تطرق إلى مواضيع عديدة، تاريخية ومعاصرة كان مسكوتاً عنها، خصوصاً فيما يتعلق بموضوع 'مداحر الشيوخ'، وهي مواضيع مازالت تعتبر خطوطاً حمراء في الصحافة الورقية أو في وسائل الإعلام المحلية الأخرى. قد لا تكون أغلبية المعلومات التي حوتها مقالات الأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم خافية عن الكويتيين، فالكثير منها كان معلوماً ومتداولاً، ولكن ما ميز هذه المقالات أنها قد طرحت الأمور الحساسة التي لم يكن أحد يناقشها، بينما طرحها هو بجرأة وبصراحة غير مسبوقتين.

بسبب هذه الجرأة أصبحت هذه المقالات حديث الدواوين والمنتديات مما جعل السلطة حائرة ومرتبكة في التعامل مع هذا النمط الجديد من حرية تعبير لا تملك القدرة على الحد منها أو السيطرة عليها، وهذا الارتباك تجلى في محاولة بائسة لحجب موقع 'الميزان' لفترة محدودة، ولعل ذلك كان من الغباء السياسي لأن هذه الخطوة زادت من شهرة وانتشار الموقع حتى تحول هذا الموقع إلى ظاهرة جديدة اسمها 'محمد عبدالقادر الجاسم'.

بالرغم من أن الأستاذ الجاسم لم يكن محسوباً على تيار المعارضة، بل على العكس من ذلك كان لفترة طويلة رئيس تحرير صحيفة تعتبر صحيفة النظام، بل مملوكة لمن اتهموا في اختلاس المال العام، وهو ما لم يتبرأ منه، وهو ما يأخذه البعض عليه كمأخذ وتحفظ دائمين، وبغض النظر عن دوافعه في استخدام هذا الأسلوب الصارخ في النقد، فإنه يحسب للأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم أن كتاباته على الإنترنت كانت سبباً مباشراً للارتفاع الملحوظ في سقف الحرية في الصحافة المحلية، لأنها شجعت الكتاب الآخرين في الصحف المحلية على 'الاقتراب' مـن هذه المواضيع.

المتابعة الكبيرة لمقالات الجاسم تثبت أن الكويتيين وبرغم هامش حرية الرأي الجيد المتوافر مازالوا يطلبون مزيداً من الحرية والشفافية، ولعل تجربة محمد عبدالقادر الجاسم الناجحة في فضاء النشر الإلكتروني حيث الحرية الكاملة، شجعت وسوف تشجع آخرين على اقتفاء نفس الأثر، وهو درس يجب أن تستوعبه السلطة في أن الحَجْر على الآراء أصبح مستحيلاً في ظل حكم الجنرال 'إنترنت'.

وبرغم تحفظنا على الطريقة والدوافع التي ينطلق منها محمد عبدالقادر الجاسم في كتاباته، فإننا لا نملك إلا أن نكون في صف المعترضين على التعسف في معاملته، فقط لأن كتاباته تتعلق بسمو رئيس مجلس الوزراء. يبدو أن محمد عبدالقادر الجاسم بعد هذه الحادثة مقبل على فتح جبهة المواجهة كما أعلن، وعطفاً على كم المعلومات الذي يملكه عما يدور خلف الكواليس، فإننا مقبلون على مرحلة جديدة من التصعيد.

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك