ميزانية 4 مليار دينار للتعزيز والطعن في المؤسسة العسكرية الكويتية

محليات وبرلمان

2602 مشاهدات 0


 في أروقة معرض دبي للطيران2009  المقام حاليا سيجمع ضابط كويتي كتالوجات و بروشرات الشركات العارضة، ورغم الإحساس بالإحباط إلا انه  سوف يستمر في الاجتماع مع العارضين، وفي الاستفسار،والمناقشة عن إمكانية التعديل وشروط التوريد وزمن الاستلام لكل طائرة وسلاح اقتنع بمواصفاته ويعلم بمدى الحاجة له .أما سبب إحباطه فهو ما تمر به البيئة الأمنية الخليجية من تغيرات حادة تتطلب إجراءات ردع لعل أولها الجاهزية القتالية لوحدته العسكرية.و يسند إحباطه على الطرف الأخر الصراعات والمماحكات السياسية  العنيفة في الكويت حول المؤسسة العسكرية والتي يرى أنها ستصيب جاهزيته العسكرية في مقتل.

وفي مقال له يعدد الزميل زايد الزيد ناشر تحرير  الصفقات التي كادت أن تبتلى بها معسكرات الجيش الكويتي كالمدفع  بالادين وجنازير  الدبابات اليوغسلافية وغيرها،ثم يوضح كيف تم تحييد ديوان المحاسبة ورقابة مجلس الأمة عن صفقات وزارة الدفاع . ولعل من يعرف الأخ أبو طلال يعرف حرصه على الدفاع عن المال العام، وما حادث الاعتداء الجبان الذي تعرض له قبل شهر إلا فصل من مراسم تعميده في هذا الطريق الشاق. وفي السياق نفسه لا نملك إلا أن نقف احتراما للعضو الدكتور جمعان الحربش الذي اجتاز بممارسته لحقه البرلماني الأصيل في الرقابة والتشريع من اجتياز حقول ألغام وأسلاك شائكة كانت تجعل من وزارة الدفاع إحدى المقدسات التي يحرم التطرق لها من قبله إلا بالدعاء.

إن من حق ديوان المحاسبة الدخول في صراع مع موظفي المالية في وزارة الدفاع- كما كتب زايد -وهم مدنيون لا يهمهم السلاح من قريب أو بعيد بقدر اهتمامهم بالدورة المحاسبية وشروط التعاقد ونظام الدفعات، لكن الخاسر في النهاية من الصراع  بين الطرفين هو طيار الإقلاع الفوري في قاعدة أحمد الجابر الجوية ،وقائد وحدات المناورة في لواء الشهيد المدرع الخامس والثلاثون، وقائد الزوارق السريعة في الجليعة . ولتبيان بعض الصراعات التي لم يترفع بعض إطرافها عن الزج بأمن الكويت ضمن ثناياها نورد هنا   فقرات من تقرير كتبته شركة (الشال) الاقتصادية  قبل سنوات ويظهر كيف يتم إقحام المؤسسة العسكرية الكويتية في صراع يدور في الخفاء  بين أطراف يمكن تحديدها عن معرفة المعسكر الذي يتبعه كل طرف، كما سنرى نتائج تلك الصراعات على الجاهزية العسكرية . فقد كتب التقرير بعد حرب تحرير العراق بعام واحد ، وللقصور الذي يعاني منه كاتب التقرير فيما يخص قضايا الأمن استهجن تقرير الشال (زيادة بدلات العسكريين التي سوف تبلغ سنويا 80 مليون دينار كويتي) حيث برر الشال  ذلك  بالقول (إننا ضد مبدأ زيادة الجزء الثابت والجاري في النفقات العامة وضد خلق مناخ تصعب معه منافسة القطاع العام في توظيف العمالة الوطنية، والوضع حتى أكثر خطورة في العسكرة .) وهنا نتوقف لنتساءل عن نظرة الشال الاستشرافية الاقتصادية وليس العسكرية، فهل خلقت مديرية تجنيد المتطوعين في الجيش مناخ ينافس القطاع الخاص في توظيف الكويتيين أم أن القطاع الخاص هو الذي سرحهم من أعمالهم  حال شعوره باهتزاز بسيط من جراء مغامرات اقتصاديين جشعين في العام الماضي ؟ ثم ينغمس الشال في صراع الإرادات بين إطراف اكبر حيث يقول (ورغم دعوي الإصلاح وغلبة البعد الاقتصادي نظريا, نحن نسير عكس الاتجاه في الجانب التطبيقي, فنواب رئيس الوزراء الأول والثاني فعليا وزيرا داخلية ودفاع وكأننا دولة عسكرية عظمى في وقت يفترض ان الهواجس الأمني قد خفت.)  ولا ادري كيف تم القفز فوق عرف سياسي معروف في الكويت وهو إن وزارات السيادة لأبناء الأسرة الحاكمة الكبار، فهل كان يتوقع أن يكون وزير غيرهم نائبا أول أو ثان لرئيس مجلس الوزراء ؟ وهل تحولنا إلى اسبرطة حتى يخاف الشال علينا من التحول الى دولة عسكرية.  أما انحسار الهاجس الأمني فقد أظهر القصور المعيب في قدرة الشال على قراءة مايجري فقد تحولت العراق إلى كتلة لهب  تطاير علينا شررها ، ثم كشرت إيران عن أنيابها النووية فتحول العدو المفترض من الشمال إلى الشمال الشرقي دون ان تحين الفرصة للعسكري الكويت لإلقاء خوذته وارتداء البريهة . ثم يختم سطوره (وتكاليف الجندي الكويتي هي الأعلى في العالم مقابل دور غير معروف وعدم وضوح إستراتيجيتنا في هذا المنحى, وقد اخترنا طوعا عدم الدفاع عن البلد عام 1990 لعدم قدرتنا عليه) ليضيف( وستكون على حساب تخصيص أموال كافية للاستثمار) وهنا مربط الفرس فالأموال يجب ان (تضخ في السوق) كما يتكرر دائما في كل طروحات رجال أعمالنا ، دون أن يعطي  التقرير العسكريين الفرصة لنقض الأسس التي أقام عليها جدليته السقيمة ،حيث لم تختر المؤسسة العسكرية طوعا عدم الدفاع عن البلد ،كما أنها لا تفتقد لا للإستراتيجية الدفاعية ولا العقيدة العسكرية ولا كيف تقاتل .

ولا نستبعد أن يكون ذلك التقرير المنشور في جريدة القبس 4 يوليو 2004م ومثله من الحملات ضد المؤسسة العسكرية قد أدى إلى توقف مشاريع دفاعية كانت الكويت في أمس الحاجة لها ، وظهر القصور بعد ذلك بأعوام على شكل نقص في جاهزية عدد المقاتلات المستعدة لحماية أجواء الكويت، وتم عرض ذلك القصور بصورة تنم في ابسط معانيها على عدم الإحساس بمعنى المسئولية، حتى إن المراقب يتساءل أن كان الاشتغال بالعسكرية حلقة وصل وظيفية لازمة ليدرك المحلل جسامة الطعن في أمننا الوطني ؟

إن صراع المصالح المتوقع حول ميزانية الأربعة مليار دينار للتعزيز  الأخيرة يجعلنا  نتساءل كم سلاح متطور خسرناه بناء على صوت سياسي جهوري ؟ وهل استقى كل من هاجم صفقة عسكرية معلوماته من لجان التسلح أم بناء على  تقارير لا تتعدى صفحاتها أصابع اليد الواحدة ؟ ويبقى القول أن وضع ميزانية الدفاع عبر القنوات الرقابية أمر لا غبار عليه ، لكن الشك والريبة والتخوين للمؤسسة العسكرية في كل صفقة هو طعنة تضعف قناة العسكري الكويتي، كما أن إخراج العسكري الكويتي من الصراعات  يبدأ من داخل المؤسسة نفسها ،و التي فتحت كثرة التجاوزات أبوابها لتغري كل من يطلب المجد لمهاجمتها من تجار السلاح والسياسيين ورجل الأعمال و لكل منهم حساباته الخاصة إلا أمن الكويت.

 

د.ظافر محمد العجمي - المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك