الناتو لدول الخليج: لن نقف معكم لو هاجمتكم إيران

محليات وبرلمان

4584 مشاهدات 0


شرف الغاية يحتاج إلى وضوح الرؤية، ولم تكن رؤية حلف الناتو واضحة تجاه دول مجلس التعاون على لسان الأمين العام لحلف الأطلسي فوغ راسموسن في أبوظبي خلال مؤتمر صحافي عقب ختام فعاليات «الناتو - الإمارات التنسيق المشترك للمضي قدما بمبادرة اسطنبول للتعاون»، والتي انطلقت في 29 أكتوبر 2009. فقد انهار كل ادعاء غربي بالحرص على أمن الخليج دون تفضيل لمشاريع الغرب على مصالح أهل الخليج. فقد رد الأمين العام لحلف الأطلسي على سؤال حول (ماذا تنتظر الإمارات ودول مبادرة اسطنبول للتعاون من الناتو إذا ما تعرضت دول المنطقة للهجوم من إيران؟ وماذا سيفعل الناتو إذا ما استُهدفت دول الخليج من إيران؟)، قال الأمين العام لحلف الأطلسي (إن معاهدة حلف الناتو واضحة وبناء على معاهدة الناتو، الحلف يركز على الدفاع عن أراضي الدول، والردع يغطي كل دول الحلف، وهو قائم على الدفاع المشترك). وأضاف كما تقول وسائل الإعلام التي نقلت كلماته (إن باقي السؤال افتراضي، ومن الأفضل والأذكى ألا نجيب على أسئلة افتراضية).
صدمنا فوغ راسموسن بافتراضه أننا نتمسك بقشة ولم يصدم الحضور الكبير للاجتماع الذي استمر يومين، وكان شهود تصريحه ما يزيد على 60 مبعوثاً لدى الناتو وبما يقرب من 200 شخصية من كبار المسؤولين الحكوميين والشخصيات الأكاديمية، وممثلين عن المنظمات الدولية والخبراء الأمنيين وقادة الرأي ووسائل الإعلام بدولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، كما جاء في صحف الإمارات التي غطت المؤتمر.
لقد كان سيد الدبلوماسية الإماراتية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان قريباً من فوغ راسموسن، وكان يحاول جاهدا مساعدته في تخطي المنعطفات الصعبة في سؤال كان من المفترض أن يكون قد أعد نفسه للإجابة عليه مسبقا بحكم أنه همنا الأكبر، وسبب تهافتنا على كل صيغة أمنية غربية جديدة، حيث قال عبدالله بن زايد (أعتقد أن الأمين العام لحلف الأطلسي أعطى إجابة واضحة عن دور الناتو، ولكن هناك نظرة أخرى لهذا المفهوم، هناك دول أعضاء في الناتو موقعة اتفاقيات مع دول من مجلس التعاون تلزمها بمساندة هذه الدول في حالات الضرورة). وأضاف سموه متسائلاً: في حال انشغال هذه الدول ما رد الناتو؟ وقال سموه: أعفي نفسي من الاستمرار في الإجابة، وأعفي الأمين العام من الإجابة.
لم يقل فوغ راسموسن بكل وضوح (لا لن نقف إلى جانبكم) حتى لا يفشل الهيكل الجديد للتمدد الغربي كسابقه من الهياكل والأحلاف التي عرفناها منذ الخمسينيات في زمن الحرب الباردة، حيث إن عدم وضوح صيغة مبادرة اسطنبول خصوصا الشق العسكري منها هو الذي حدا بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لرفض الانضمام إلى المبادرة من باب أن الدول الموقعة عليها يجب أن تحصل على نفس الميزات التي يستظل بها 28 عضوا في حلف شمال الأطلسي. وأن لا تكون المبادرة مجرد وسيلة أخرى لتوطين مفهوم منطقة الشرق الأوسط الكبير التي يسوّق لها الغرب حتى تكون إسرائيل فيها واسطة العقد، ثم أليس احتواء إيران إيجابيا في إطار مبادرة اسطنبول للتعاون هو الأجدى من جعلنا نصطف ضدها دون أن تكون هناك ضمانات للوقف معنا؟
تهدف مبادرة اسطنبول للتعاون التي أطلقت في مؤتمر حلف الأطلسي الذي عقد في تركيا في يونيو 2004 إلى المساهمة في الأمن العالمي والإقليمي بمنح دول منطقة الشرق الأوسط الكبير علاقات تعاون ثنائية في المجال الأمني مع الناتو، وتقول المبادرة بصراحة إنها لتقديم نصائح حول إصلاحات تتعلق بمجال الدفاع وهي للحوار منها أقرب إلى التعاون العسكري، وهي بذلك تدخل في ثيابنا لوضع استراتيجياتنا الدفاعية لتكون أسيرة للاستراتيجية الغربية أو مكملة لها، ثم دخلت من باب آخر بعد توقيع اتفاقية بشأن أمن المعلومات الاستخبارية وتبادل المعلومات السرية، فهل سيتم إطلاع ضباطنا على حجم المناورات الإسرائيلية الفعلي، وأين موقعنا في الممرات الجوية على خرائط سلاح الجو الإسرائيلي عند تنفيذ الضربة المزمع شنها على إيران؟ وما القدرات الفعلية لبرامج الصواريخ الإيرانية وكفاءة قوات الإنزال في بحرية الحرس الجمهوري؟ أم أن الهدف منها بناء قاعدة بيانات غربية لمحاربة شبح الإرهاب، ويكون دورنا فيها تزويدهم بكل شاردة وواردة في السجل الصحي والاجتماعي عن إمام مسجد مسلم في ضاحية أوروبية كئيبة باردة لأنه قرأ يوماً آية فيها كلمة الجهاد؟
لقد أحسن الشيخ ثامر العلي نائب رئيس جهاز الأمن الوطني الكويتي، في وصف بيئتنا الاستراتيجية حين قال على هامش المؤتمر (بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية الحيوية على الساحة الدولية والخصوصية السياسية والاجتماعية لمجلس التعاون الخليجي، فإنه كمنظومة جغرافية وسياسية وثقافية واحدة من أكثر مناطق العالم تأثرا بحقيقة دقة معادلة ميزان القوى على المستويين الإقليمي والعالمي)، فلماذا لم يكن التعاون مع منظومة المجلس الخليجي ككتلة واحدة من خلال القنوات العسكرية بدل الاستفراد بنا دولة بعد دولة؟ وهل نحتاج لمعادلة ميزان القوى إلى الناتو بشكله الجديد؟ لا شك أن التهديدات التي تتعرض لها منطقة الخليج تستوجب الاهتمام ليس فقط على الصعيد الإقليمي بل على المستوى الدولي أيضا، ولكن هل نحن السوق التي يعول عليها الجميع لبيع بضاعتهم من نظريات العلاقات العامة بدل التعاون العسكري الفعلي، فقد تحول الحلف بعد انتهاء الحرب الباردة إلى عسكري تقاعد من الخدمة فاشتغل في شركة حراسة أو قام بإنشاء معهد لتدريب الرماية وفنون الدفاع عن النفس، لكنه ليس مستعدا للدخول في الصراع مباشرة، وإن دخل في الصراع بعد فقدان روح القتال لديه جاءت النتائج كارثية، ولعل خير مؤشر على تراجع فعالية حلف شمال لأطلسي هو الفشل في حسم الصراع في أفغانستان ضد مقاتلين من إحدى دول العالم الثالث منذ 2001.
 
 

 

الآن - د.ظافر محمد العجمي- المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك