العلاقات الكويتية-المصرية سامية فوق الأشخاص- فحوى مقالة هيله المكيمي
زاوية الكتابكتب سبتمبر 11, 2007, 1:34 م 693 مشاهدات 0
الكويت ومصر تاريخ يسمو فوق الشخصانية
د. هيله حمد المكيمي
ترتبط الكويت ومصر بعلاقات تاريخية حميمة، أصبحت جزءا لا يتجزأ من الشخصية
الكويتية، إلا أنه في الآونة الاخيرة شهدنا بعضا من الحوادث الفردية، التي ضخمت دون
مبرر، والتي يجب احتواؤها حتى لا تتأثر العلاقات بين البلدين، ولاسيما أن الاموال
والاستثمارات الكويتية لها حضور مهم في مصر، فاستمرار تبادل الهجوم قد يؤدي الى
هروب تلك الاموال إلى بيئة أكثر هدوءا.
فالثقافة المصرية لاتزال تعيش في وجدان الكويتيين سواء من خلال الأفلام المصرية
القديمة أو من خلال الأدب والموسيقى والغناء، بل رغم توافر البدائل الكثيرة، فإن
مصر لاتزال قبلة الكويتيين للدراسة والسياحة، ما وطد العلاقة ما بين الشعبين الى
علاقة مصاهرة وتآخ، ارتبطت المؤسسات الشعبية بين البلدين، كذلك، بعلاقات مهمة ساهمت
في إثراء المجتمع المدني، بل إن بدايات تكوين التيار الفكري سواء القومي أو تيار
«الإخوان المسلمون» في الكويت، جاءت بعد ظهورهما لعقود في مصر - الوطن الأم، فرغم
قلة عدد السكان، لكن هناك من سقط شهيدا من الكويتيين دفاعا عن مصر في حربي 1967 و
1973.
فإلى مصر كانت أولى البعثات الدراسية، ومن مصر استقبلنا أول أساتذة التعليم العام،
بدءا بالمرحلة الابتدائية وحتى الجامعة، التي زخرت بكثير من العقول المصرية أمثال
عبدالرحمن بدوي ومحمود اسماعيل وصبري مقلد وكمال المنوفي، بل إن آخرهم الدكتور محمد
السيد سليم أحد أبرز أساتذة العلوم السياسية في الوطن العربي.
كما ساهم عدد من المستشارين المصريين في صياغة الدستور وطبيعة العلاقة بين السلطات
الثلاث، وعمل في الكويت عدد من أبرز السياسيين المصريين، كالدكتور عاطف عبيد
والدكتور عاطف صدقي والدكتور وحيد رأفت أستاذ القانون الدستوري، والمستشار ممدوح
مرعي الذي حال رجوعه إلى مصر، عين رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، ثم وزيرا للعدل
في الحكومة الحالية.
ذلك التاريخ هو الذي دفع بالكويت لإبقاء الباب مفتوحا لعمل الجالية المصرية، التي
تعتبر أكبر الجاليات عددا في الكويت، إذ تصل إلى ما يقارب 500 ألف نسمة، بل إن شدة
ارتباط هذه الجالية بالكويت، جعلها تجد صعوبة في إعادة التكيف في حال رجوعها الى
الوطن الأم، لكن كبر حجم الجالية تترتب عليه زيادة احتمالات الوقوع في المشكلات
الفردية، التي يجب ان تحل بأسلوب حضاري بعيدا عن التجريح والمزايدات السياسية.
وهي حقيقه يعيها الرأي العام الكويتي، دليل ذلك أنه عند اعتقال المتهم حجاج الملقب
بوحش حولي، الذي اعترف حال القبض عليه باغتصابه عددا لا حصر له من الأطفال طوال
العام الفائت، لم تكن جنسيته المصرية مثار جدل في الكويت بقدر ما كانت الرغبة في
الاقتصاص للعدالة، فتلك الحادثة لم تستخدم في تأليب الرأي العام الكويتي ليصب جام
غضبه على المصريين في الكويت.
تلك الحقيقة يجب ان يعيها الاعلام في كلا البلدين، كما نأمل أن يتبع ذلك الأسلوب من
قبل الصحافة المصرية في تعاطيها مع واقعة تعذيب المصريين، فالحكومة الكويتية تبذل
كل مساعيها لتأمين التحقيق في تلك القضية، وهذا ما أكده وزير الخارجية الكويتي في
لقائة الاخير مع نظيره المصري، فالصحافة الكويتية هي أول من أثار تلك القضية التي
أصبحت محور اهتمام مؤسسات المجتمع المدني الكويتي، لاسيما الناشطة في مجال حقوق
الانسان، فالعدالة ستقتص لحقوق هؤلاء المعذبين في الوقت الذي ستقتص فيه لحقوق
الأطفال المغتصبين من ذلك الوحش البشري.
أقول للكويتيين وللمصريين على حد سواء: لنرتق بخطابنا، فالكويت ومصر تاريخ ضارب
بالقدم وعلاقات تسمو فوق الحوادث الفردية والشخصانية.
الوسط
تعليقات