طلال عبدالكريم العرب: «مُنَّ مِنَ الْمَنَّان»
زاوية الكتابكتب طلال عبد الكريم العرب فبراير 1, 2024, 10:19 م 1252 مشاهدات 0
اللغة العربية غنية بمفرداتها وروعة رص وصف كلماتها، والتفنن في ألفاظها ومعانيها، ويكفيها فخراً أن القرآن الكريم نزل بها. أما ما قِيل فيها من مدح وفخر، شعراً ونثراً، فهو كثير.
فالله تعالى ذكرها عدة مرات في مُحكم كتابه، ومنها: «إنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ»، و«قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ».
أما عمر الفاروق، رضي الله عنه وأرضاه، فقال: تعلَّموا العربية، فهي تُثبت العقل، وتزيد المروءة. وكتب موصياً أبا موسى الأشعري: أما بعد، فتفقهوا في السنّة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن، فإنه عربي.
أما الإمام الشافعي، فقال: اللسان الذي اختاره الله، عز وجل، لسان العرب، فأنزل به كتابه العزيز، وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد، صلى الله عليه وسلم.
المستشرقون أدلوا بدلوهم، فقالت الألمانية زيفر هونكه عن جمال اللغة العربية: «كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم، وسحرها الفريد؟ فحتى جيران العرب من البلدان التي فتحوها سقطوا صَرْعَى سحر تلك اللغة».
وقال المستشرق الفرنسي رينان بتفصيل عجيب: «من أغرب المُدْهِشات، أن تنبت تلك اللغة القومية، وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمة من الرحَّل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ودقة معانيها وحُسن نظام مبانيها».
أما مرجليوت، الأستاذ بجامعة أوكسفورد، فقال: «اللغة العربية لا تزال حية حياة حقيقية، وهي واحدة من ثلاث لغات استولت على سكان المعمورة استيلاءً لم يحصل عليه غيرها، الإنكليزية والإسبانية، ولكن زمان حدوثهما معروف، ولا يزيد عمرهما على قرون معدودة. أما اللغة العربية، فابتداؤها أقدم من كل تاريخ، إنها أعرق اللغات التي تكلمت بها الأرض».
فما من لغة تستطيع أن تطاول العربية في شرفها، فهي الوسيلة التي اختيرت لتحمل رسالة الله، وفيها ثروات من المترادفات والكنايات والمجازات والاستعارات التي تفتقدها كل اللغات.
وهناك تفنن حقيقي في كتابة وصَف الكلمات العربية، فرصّها يحيِّر حتى أصحابها الناطقين بها، كهذا الصف: «مَنْ مَنَّ مِنْ مَنٍّ، مُنَّ مِنَ الْمَنَّان»، والمنان هنا هو الله المعطاء، فمن أعطى مما أعطاه الله زيد له في النعم.
وكهذا البيت الشعري للمتنبي، والذي لا تتصل حروفه:
زُر دَارَ وُدٍّ إن أرَدتَ وُرُودا
زَادُوكَ وُدَّاً أن رَأوكَ وَدُودا
ومعناه: إذا أردت أيها الودود أن تزور، فاختر دار قوم اتصفوا بالتواد والتحاب، فهم أهل خير سيقابلونك بهذا الخلق الكريم.
وهذا البيت الواضح المعاني للإمام الشافعي:
صادِق صَديقًا صادِقًا فـي صـدقِـهِ
فصِدقُ الصداقَةِ في صديقٍ صادقٍ
وهذا البيت للمتنبي:
أَلَمٌ أَلَمَّ أَلَمْ أُلِمَّ بِدَائِهِ
إِنْ آنَ آنٌ آنَ آنُ أَوَانِهِ
ومعناه: لقد أحاط بي ألمٌ لم أعرفه من قبل إن جاء وقت شفائه من الله فقد آن ذلك له.
وهذا البيت الواضح في معانيه:
خطي حسن ولكن
حظي يخالف خطي
يا نقطة الخاء لطفاً
يوماً على الطاء حطي
تعليقات