د.موضي الحمود: أطفالنا «الكبار»

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 839 مشاهدات 0


نحيت جانبًا الرواية الأسطورة «الأمير الصغير» للأديب الفرنسي «أنطوان دو سانت اكزوبيري» والتي تعتبر بلا منازع من أشهر الأعمال الأدبية في القرن العشرين، تُرجمت إلى أغلب لغات ولهجات العالم وبيع منها حتى الآن 140 مليون نسخة، يخاطب كاتبها نفس «الطفل» في كل منا، وهي ترمز إلى الكبار «الأطفال» في تصرفاتهم.. يَعجب الأمير الصغير لحال البشر الكبار ويرثي لما يراهُ من أفعالهم في زياراته لكواكبهم المختلفة.. حيث يسكن أولها ملك لا يرى إلا نفسه ولا يرى إلا أمره النافذ، أما الكوكب الثاني فقد سكنه إنسان مغرور يزهو بغروره القاتل، وفي الثالث يحتله رجل أعمال لا يرى في الدنيا إلا حساب أمواله بالأرقام، وفي الرابع يسكن من يرى متعته في العربدة والسُكر.. نماذج من البشر يتنقل بينها الأمير الصغير الذي يتعجب حين تردد الصحراء صداه فلا يسمع إلا صدى صوته.. رمزية رائعة لنماذج البشر الذين نراهم ونقابلهم في كل يوم وفي كل ساعة، ولعل تصرفات البعض ممن يحتلون كوكبنا «الكويتي الصغير» تفوق ما سطّره «دو سانت».. فهناك من يرى أن الطريق والشارع له وحده فيسابق بسيارته الضخمة السائقين المسالمين وهو مستعد لإطلاق «النار» على من لا يفتح له المسار.. وترى النموذج الآخر الذي يزهو بنفسه على عباد الله «الوافدين» فيزدري هذا ويصرخ في وجه ذلك المستضعف عند أي خطأ.. وهناك من يتربع على المكاتب في الوزارات والإدارات الحكومية ليأمر وينهى، ومنهم من يطلب المقابل لأداء عمل ويطلق على ما يأخذه «إكرامية» وكأن الوطن لم يكرمه برغد العيش.. أما يا سيدي الكاتب.. فهناك نموذج لم يمر بمخيلتك العبقرية، وهم بعض من يتربعون على الكراسي «الخضر» ولا يرون إلا مصلحتهم ويصرون على «حلب الوطن» مهما كان الثمن.. نماذج أخرى فريدة ليس لها مثيل في أي من كواكبك أيها الأمير، هي لا ترى الحق إلا بيدها وتكفر كل من خالفها وإن كان ذا دين وأخلاق.

ونخاطب بطل اكزوبيري الحالم، أن هذه بعض أنواع البشر في كوكبنا.. ولكن ذلك لا يعني أنهم يمثلون الجميع فلا يزال الخير موجودا في نفوس البشر ومازالت الزهور التي رأيتها تنمو بيننا كزهرتك الجميلة.. ولعل الله يصلح أحوال بعض كبارنا «الصغار».. دعوة ندعوها مع تباشير السنة الجديدة بأن يجعلها سنة خير ويصلح أحوالنا ويؤمنّا في كوكبنا «الكويتي» العزيز.

تعليقات

اكتب تعليقك