داهم القحطاني: الصراع من أجل السلطة وليس عليها

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 701 مشاهدات 0


هناك خلل كبير ومتواصل أنهك الكويت وشعبها ولا يزال، وهو الذي يتمثل في سيادة عقدة الصراع المهلك بين بعض الأطراف السياسية الفاعلة، بدلاً من ضبط قواعد اللعبة السياسية كي لا تخرج عن الأطر التقليدية.

هناك صراع من البعض على السلطة بدلاً من الصراع من أجل السلطة، فالصراع على السلطة جعلها هدفاً بحد ذاته، في حين يتوجب أن يكون الصراع من أجل أن تتمكن السلطة بأفرادها وآلياتها من خدمة الدولة والشعب.

صحيح أن الدستور حاول تنظيم العلاقة بين أطراف المؤسسة السياسية، ففصل بين سلطات رئيس الدولة، وسلطات مجلس الوزراء، وأدوار مجلس الأمة، إلا أن التجربة العملية طوال 60 عاماً من تطبيق الدستور بيّنت أن الصراع في حقيقته - أحيانًا - يدور على السلطة وليس من أجلها.

هذا الوضع المرتبك لن ينتهي لمصلحة أي طرف، فكما أن بقاء الحكم في ذرية مبارك الكبير يعتبر ركناً من أركان الدولة الكويتية الحديثة، يعتبر في المقابل وجود مجلس أمة منتخب بطريقة شرعية، ومن دون تدخل السلطة الركن الآخر، الذي ستنهدم الدولة الكويتية الحديثة من دونه.

لهذا كله تبدو وهماً كبيراً أي مشاريع سياسية تفترض أن الدولة الكويتية ستكون قائمة من دون مجلس يشرّع ويراقب.

وكذلك وفي المقابل تبدو كأضغاث الأحلام أي محاولة لتحييد السلطة وغل يدها عن إدارة السلطة التنفيذية.

أين المخرج إذاً..؟ 

في وقتنا الراهن هناك مخارج عدة، بعضها من دون كلفة عالية، والبعض الآخر محفوف بالمخاطر.

من المخارج غير المكلفة ، مثلا ، أن تقوم السلطة التنفيذية بتقديم مبادرة إصلاحية شاملة، كالتي قدمها أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم، حين بادر إلى الاستجابة للمطالب الشعبية، فتم تحويل الدولة الكويتية من مشيخة تحكم بالأعراف والتقاليد، إلى دولة دستورية تعمل وفق النظام البرلماني الحديث.

وثيقة العهد الجديد، التي قدّمها ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في افتتاح مجلس الأمة الحالي، تصلح لأن تكون أساساً لمثل هذه المبادرة، لكنها تحتاج إلى إجراءات عملية، تتضمن بدء حوار وطني حقيقي لتحديد التعديلات الدستورية التوافقية اللازمة، التي لا تتضمن لا من بعيد ولا من قريب أي محاولة لإضعاف سلطة مجلس الأمة أو تقوية السلطة التنفيذية بصورة تمس بصلاحيات البرلمان، كمحاولات تنقيح الدستور عام 1981. 

المخرج الآخر قد يتمثل في أن تتوحد القوى السياسية والشعبية والمدنية على مشروع محدد للإصلاح، يتضمن تحديث الدستور وجعله أكثر فاعلية.

هذا الأمر ممكن وليس مستحيلاً كما يتصور البعض، فائتلاف قوى المعارضة في الكويت أصدر عام 2014 ما أسماه مشروع الإصلاح السياسي الوطني، الذي صدر بعد نحو أشهر من التباحث بين قوى سياسية مختلفة تحت شعار «نحو إقامة نظام برلماني كامل».

المخارج الأخرى تتعلق باستخدام أساليب الحراك السلمي الضاغط والمستمر من قبل قوى الشارع والقوى الشبابية، وهي مخارج محفوفة بالمخاطر لعدم القدرة عملياً على ضبط وتيرة هذا الحراك، والخوف من تحوله إلى أداة بأيدي بعض السياسيين لتحقيق أهداف مرحلية تتعلق بتقوية النفوذ ولا علاقة لها بفكرة الإصلاح السياسي الشامل.

كما أن هذا الحراك، ورغم حسن النوايا، فقد يجعل القوى الرجعية والنفعية تعود من جديد إلى فكرة شيطنة هذه القوى.

تتكرر التساؤلات عن الأوضاع الراهنة، ويتكرر التساؤل عن المخرج الأمثل، وعمّن يبدأ الخطوة الأولى ويبادر إلى إصلاح النظام السياسي الكويتي بدلاً من تضييع الوقت في المعارك الصغرى.

تعليقات

اكتب تعليقك