لاتضيّع الأمانة ياصاحب التسخير بقلم: مازن نجار
فن وثقافةالآن يوليو 17, 2022, 7:32 م 1070 مشاهدات 1
(وسخّر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا)
يأتيكَ هذا النداءُ حاسماً لك ولكل شخص يدبّ على هذا الكوكب،
نعم أنتَ تستطيع
لأنك تحملُ عقلاً بين جنبيك
نعم، تستطيعَ أن تسخّرَ هذا الكونَ الفسيحَ كلَّه بقضِّهِ وقضيضهِ لمصلحتِكَ
وكل الموجوداتِ في هذهِ الطبيعةِ الواسعةِ تقف عاجزة أمامك بما فيها من (آياتٍ لقوم يعقلون)
كل تلك الجماداتِ الثوابتِ في مكانها والمتحركاتِ في أنحائها، والسابحاتِ في أفلاكِها تقفُ بكل جبروتها مقهورةً أمام عزمك
لا يتطلّبُ الأمر منك سوى أن تمتثل نداء خالق الكون والطبيعة فتُعمل عقلك في باطن الأرض وظاهرها وتتأمل (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ)
لا يحتاجّ منك الأمرُ سوى تلك اللمسة الأخيرة فقط
انظر إلى طفلك الصغير الذي أعطيته علبة شوكولا
لا يحتاج سوى أن يفتح العلبة ويمزق الغلاف ويأكل الشوكولا
وكذلك أنت
تأمّل فقط كيف تهز الرياح الأشجار، وعندها تستطيع أن تسخرها وتصنع السفن الشراعية (الجوار المنشآت في البحر كالأعلام)
وتأمل كيف تدفع الرياح الأحجار وعندها تستطيع أن تصنع طاحونة تحرك العنفات وتولد الكهرباء
تأمل فقط كيف تحتبس الحمم في باطن الأرض ثم تمور وتنفجر، وستعرف كيف تقهرها وتنتج طاقة بخارية من مجرد ماء مغلي تسير بسببه القطارات والمركبات
تأمل فقط كيف تختلف شحنة البطاطا عن الليمون وشحنة الزنك عن الكربون
وما عليك سوى أن تصلها بسلك نحاسيّ ناقل لتسري بينهما الكهرباء
تأمل فقط حين تفرك أي قطعة حديد كيف تتجه للقطبين كبوصلة متأثرة بكوكب الأرض الذي ليس سوى مغناطيس كبير يحوي طبقات الحديد الهائلة في باطنه (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس)
وعندها تستطيع أن تثبت مواضع رؤوس الأقطاب المتنافرة وتجعلها تدور كما تريد وتنتج الطاقة كما تشاء
أو قد يتطور عقلك فتجعلها تغير اتجاه دورانها كل مرة فتنتج الموجات الكهرومغناطيسية المتعاقبة والتي بسببها تتحدث طوال اليوم بهاتفك المحمول
ولمزيد من التأكيد فقد طمأن خالق الكون جميع البشر وأزال عنهم شبح الجوع والمرض إذا استخدموا سلاح العقل الفعال
فلا خوفَ أبداً من مجاعة مهما تكاثر البشر ومهما انفجرت تلك القنبلة السكانية المزعومة، فخالق الكرة الأرضية قد (قدّر فيها أقواتها) فلن يعدم صاحب العقل من استغلال ثروات الأرض (ظاهرة وباطنة) واقرا على سبيل المثال عن مستقبل الزراعاتِ البحرية Mari culture كوسيلة لإطعام البشرية
ولا خوفَ من أي مرضٍ مهما استفحل وتحول إلى وباء فقد أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (ما أنزل الله عز وجل داء، إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله) وما لقاحات الكورونا عنا ببعيد
لا تحتاجُ حقاً سوى تلك اللمسة الأخيرة لتدير دفّة نظام الطبيعة لمصلحتك
وخالق الكون هو من فطر لك الأرض وبرأ فيها موجوداتها وأرسى قوانينها وثبت قوانينها وأنظمتها
وهو هو من جعلها تسيرُ مقهورةً وفق تلك القوانين لا تحيد عنها قيد انملة
فالماء ما يزال منذ بدء الكون يغلي في الدرجة مئة سيليسيوس وذرة الأكسجين لا تزال تتحد بذرتي هيدروجين لتنتج الماء والقطب السالب للحديد لا يزال ينفر من القطب السالب وينجذب إلى الموجب وهكذا
كل تلك الموجودات في الكون قد عرضت عليها الأمانة فرفضتها
كلّها رفضَت أن تكون لها إرداة حرة ورضيت أن تسير وفق نواميس الله الثابتة لها
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا)
وبقيت أنت وحدك أيها الظلوم الجهول
ورضيت أنت وحدك أن تمتلك الإرادة الحرة وأن تكون محاسبا عما تفعل
(وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)
فلا تضيع تلك الأمانة التي استودعها الله فيك يا من سُخّر لك كل شيء
يا من تحمل الروح والعقل والنفس بما فيها من عواطف وغرائز (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها)
فاختر صراطك كما تشاء
إما أن يكون صراطا مستقيماً يؤدي إلى نعيم لا ينقطع
أو أن يكون صراطاً مائلاً عن الجادة حايداً عن الحق لا يؤدي إلا أن تكون من المغضوب عليهم أو الضالين
📘 أغسطس 30, 2022, 9:21 م
بارك الله فيك، أحسنت وأفدت من أجمل ماقرأت.