أسيل سقلاوي: متاهة

فن وثقافة

الآن 1259 مشاهدات 0


ولا  أفكرُ  بالأنواء كم  عبست
ولا المرافئ.. قد ضيّعتُ مرساتي

هي أنواء الحياة قد تهطل بهجةً وسكينة، وقد تمتنع عن الهطول حيرةً وانتظارا، ومرافئ الزمن قد لاتجد فيها مرساة الأمل قراراً ، لكن الوصول إلى المرفأ في حد ذاته نجاةٌ من دوامة المجهول.

الشاعرة اللبنانية المتميزة أسيل سقلاوي تعود من جديد لتصافح محبي الشعر  في هذه المساحة الأدبية بنص شعري حافلٍ  بإبداعية التصوير ، ونابضٍ بانسيابية التعبير:

يكفي من الصدق أني لم أخن ذاتي
حينَ اختصرتُك في وجهِ انكساراتي

وسرتُ نحوكَ .. لا أنفاس تحجُبُني
فكنتَ أوضحَ من وجهي بمرآتي

أنا تجلّيكَ .. أسراري  مكاشَفةٌ
وما ادّخرتُ من الماضي إلى الآتي

ظلّي بلا حجبٍ كلُّ الوضوحِ به
من فرطِ رقّتهِ  ذابت  كناياتي

لا لونَ يشبه ما في الروحِ من شجنٍ
إلا  الدخان  تجلّت  فيه  أشتاتي

على البسيط جراحاتي .. ويُبحرُ بي
موجٌ من الصبر.. رُبّانُ المسافاتِ

خبّأتُ قلبيَ .. هل أعطيكَهُ قِطَعًا
من الهدايا تُواسي طفلَ خيباتي

فكرتُ باسمِكَ.. في عينيّ أشعله
زيتاً من الوصل.. قنديلاً لمشكاتي

أنا الحزينةُ دون الحزن لي شفةٌ
من الحضور وأخرى من غياباتي

ولي مسيحٌ من الآهات يمنحني
شكلَ البكاء صليبًا في ابتساماتي

ولي تضاريسُ شوقٍ صرتُ أرسمها
على الخرائطِ في تصميم خطواتي

لا شيء حتى ضمير البحر ..يشغلني
إلّاكَ في  بوصلاتي  واتجاهاتي

ولا  أفكرُ  بالأنواء كم  عبست
ولا المرافئ.. قد ضيّعتُ مرساتي

وحيدةٌ  لا  شراعٌ  لي  أغازلهُ
ولا  نوارسُ في  أفقِ الغواياتِ

بعيدةٌ عن حضورٍ فيَّ ... غائبةٌ
عن المكان وعن نفسي وأوقاتي

عن كل ما أدّعي أنّي  أشاهدهُ
وعن عيوني الحبيساتِ البريئاتِ

هل للوصولِ سبيلٌ كي أحرّرَني
وهل  لقلبكَ  بابٌ  للأسيراتِ

قدني إليكَ ... فإني فيكَ تائهةٌ
ونجّني من تعاريج المتاهاتِ

تعليقات

اكتب تعليقك