لأن مشهد التعويضات افضى في النهاية الى نتيجة متناقضة..عبدالله الغنام يرى أن استقالة مندوب الكويت الدائم في الأمم المتحدة
زاوية الكتابكتب أغسطس 18, 2009, منتصف الليل 1249 مشاهدات 0
مستحقة..!
استقالة مندوب الكويت الدائم في الأمم المتحدة مستحقة..!
كتب عبدالله الغنام
«ولايجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى»
سمة وضاءة من سمات أهل الكويت عرفت عنهم منذ القدم بانهم لايرضون ولايقبلون سوى قول الحقيقة وإذا تبين لهم خلاف ذلك في بيان أو موقف من مسؤول أو جهة رسمية اتخذ في الداخل أو الخارج سارع نفرمنهم إلى التصدي لفضح المخالطات سواء أكانت بحسن نية أم بنيت على سوء سريرة وطوية وسأكتفي بثلاثة أمثلة للتدليل على الرفض الشعبي لمغالطات المسؤولين الرسميين أولها ماهو مدون في مضبطة جلسة مجلس الأمة رقم 552 المنعقدة في18/2/1986 والتي رفض فيها نواب الأمة حين ذاك، لاسيما السعدون والقطامي والعنجري التضليل الذي قام به بعض المسؤولين في المجال الرياضي الذين زودوا الاتحاد الدولي لكرة القدم«الفيفا» عام 1986 ببيانات مضللة عن الوضع الرياضي بالكويت وتصوير الكويت وكأنها بلد غير ديمقراطي ما ترتب عليه صدور قرار من الاتحاد الدولي لكرة القدم بإيقاف نشاط الاتحاد الكويتي لكرة القدم وثانيها حينما اضطر رئيس مجلس الأمة الأسبق عبدالعزيز الصقر رحمه الله إلى الاستقالة من رئاسة مجلس الأمة في ديسمبر 1964 بسبب اعتراضات اغلبية نواب مجلس 1963 على موقف الرئيس الصقر من التشكيل الحكومي إذ كانوا يعتقدون أن الصقر عندما التقى الأمير الشيخ عبدالله السالم رحمه الله عبر عن رأيه الخاص ولم يعبر عن اتجاهات وتطلعات نواب المجلس في التشكيل الحكومي الجديد.
ومثال آخر أيضاً اعتراضات أحد التيارات السياسية على شهادة ابنة سفير الكويت الأسبق الشيخ سعود الناصر أمام إحدى لجان الكونغرس الأميركي حول ممارسات جيش الاحتلال العراقي أثناء غزوه للكويت عام 1990، حيث احرجت شهادة«نيرة» دولة الكويت عندما قال العضو الجمهوري في لجنة حقوق الانسان في الكونغرس«جون إدوارد بوتر» أنه لو عرف ان الفتاة«نيرة» هي ابنة سفير الكويت في أميركا لما سمح لها بالادلاء بشهادتها«حول سرقة حاضنات الاطفال من المستشفيات اثناء الاحتلال»، المصدر: جريدة صوت الكويت عدد8/1/1992، في صحف يوم الاربعاء الماضي 12/8/2009 هالني تصريح صحفي للسفير والمندوب الدائم لدولة الكويت في الأمم المتحدة عبدالله المراد بعد اجتماعه مع المندوب الدائم للولايات المتحدة الأميركية سوزان رايس إذ نقل للصحافة السفير المراد المواضيع التي بحثها مع سوزان رايس وقد شعرت بالأسف الشديد للتضليل غير المسؤول والمسيء للعمل الدبلوماسي الكويتي الذي انتهجه السفير المراد مع مندوبة أميركا في الأمم المتحدة علماً بأن قضية الكويت في التعويضات عادلة ولاتحتاج لتدعيم بوقائع غير حقيقية فالسفير المراد ادعى كما في صحف الأربعاء أن الكويت قامت«بمساندة- العراق- اقتصادياً إذ انفقت حوالي60 مليار دولار لإعادة إعماره!» لكن السفير المراد استدرك وزعم ان هناك«لبساً» في الموضوع وهو اتهام لمراسل وكالة الأنباء الكويتية«كونا» الذي اخطأ ووقع في اللبس ما اضطر السفير المراد لاصدار تصريح توضيحي نقلته أيضاً«كونا» ونشر في صحف السبت الماضي أكد به«أن الكويت تكبدت خسائر بلغت نحو 60 مليار دولار جراء الغزو العراقي الغاشم» ولكن المراد لم ينف صراحةً كما في «القبس» تصريحه الأول يوم الأربعاء الذي سياقه كان واضحاً ومؤكداً في زعم السفير المراد بأن الكويت ساندت العراق اقتصادياً وانفقت على إعادة اعماره حوالي60 مليار دولار لاسيما وان ما قاله السفير المراد عن مساند الكويت للعراق بـ60 مليار دولار تم خلال اجتماعه مع مندوبة اميركا في الامم المتحدة السفيرة سوزان رايس، وكان يجب على السفير المراد ان يكون تصريحه الثاني في صحف يوم السبت نافيا نفياً قاطعا ما زعمته «كونا» عنه في صحف الاربعاء الماضي عن مساند الكويت باعمار العراق بـ60 مليار دولار بدلا من النفي غير مباشر بالتأكيد ان الكويت خسرت من جراء الغزو العراقي حوالي 60 مليار دولار!!
وعليه كنت اتمنى ان لا يستدرك السفير المراد على تصريحه لصحف الاربعاء بتصريحه للاحق في صحف السبت لان ذلك يثير جملة من الأسئلة الحائرة، فمثلا من وقع في اللبس هل هو السفير المراد ام مراسل كونا؟ فإذا كان من وقع في اللبس هو الاخير فالامر يتطلب من المسؤولين التحقيق مع مراسلهم في نيويورك ومحاسبته على الخطأ الفادح الذي وقع به لانه ليس بخطأ مطبعي في الارقام أو سوء فهم لجملة وعبارة بقدر ما هو خطأ جسيم في اختلاق معلومات وصياغتها على انها جزء من حديث لم يقله المتحدث «السفير المراد» لكونا!! اما ان كان من وقع في اللبس هو نفسه السفير المراد فعاد واستدرك على نفسه مصححاً في تصريحه لصحف السبت بسبب لربما على اثر انتقادات وصلته فهذا امر محتمل ان السفير المراد قد وقع فيه ولكن يستلزم الموقف ويتطلب منه المسارعة ايضا لتوضيح وتصحيح المقصود بـ60 مليار دولار الى مندوبة اميركا في الامم المتحدة سوزان رايس الذي قال السفير المراد في اجتماع معها كما في صحف الاربعاء الماضي ان الـ60 مليار دولار انفقتها الكويت على إعادة إعمار العراق منذ سقوط نظام صدام في 9/4/2003. الوقوع في خطأ رقم محتمل وكنت بعد ان قرأت تصريح السفير المراد يوم الاربعاء الماضي ان المراد وقع في خطأ رقمي ليس الا، وقلت في نفسي لعل المراد التبس عليه مبلغ مساعدة كويتية كانت قد قدمتها الحكومة الكويتية للعراق اثناء زيارة الرئيس العراقي للكويت في 14/11/2007 وكانت لدعم برامج الصحة والتعليم بالعراق وقيمتها 60 مليون دولار فالتبس الامر على السفير المراد فضاعف المبلغ الف مرة 1000 x 60=60 مليار دولار!! ولكنني لم اتوقع ان يصرح السفير المراد باستداركه في يوم السبت معتبراً ان الـ60 مليارا المقصود بها هو قيمة الخسائر التي تكبدتها الكويت من جراء الغزو العراقي الغاشم عليها عام 1990 لماذا؟ لان السفير المراد فتح وشرع بابا واسعا من التساؤلات حول دقة ارقام المبالغ التي طالبت الكويت بها كتعويضات مستحقة من لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة؟! فمشهد التعويضات افضى في النهاية الى نتيجة متناقضة وكأن السفير المراد اتجه صوب واد غير وادي حكومة دولة الكويت! السفير المراد قرر في تصريحه لكونا في المنشور في صحف السبت بان خسائر الكويت من جراء الغزو العراقي الغاشم كانت فقط 60 مليار دولار بينما حكومة دولة الكويت ووفقا للمستندات التي قدمتها الى لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة تزيد عن 170 مليار دولار!! فأيهما الصواب في قيمة التعويضات هل هو المبلغ الذي طالبت به دولة الكويت سابقاً ام القيمة التي حددها مندوب الكويت الدائم في الامم المتحدة السفير عبدالله المراد في تصريحه لصحف السبت الماضي؟! وعلى كل حال فإن استدراك السفير المراد لم يحل المشكلة لان التساؤل الاكبر والاهم هو ادعاء السفير المراد بان حكومة دولة الكويت لم تتسلم فلساً واحداً من قيمة التعويضات التي اقرتها لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة؟!
المراد ادعى كما في صحف الاربعاء ان الكويت انفقت 60 مليار دولار على إعادة إعمار العراق!! ونحن نقول للسفير المراد كما في المسرحية الفكاهية «ودنا نصدق لكنها قوية قوية» بالطبع محاولة المراد استغفال وتضليل مندوبة اميركا في الامم المتحدة لابد انها سترتد عليه يوماً ما عندما تكتشف السفيرة الاميركية سوزان رايس الحقيقة وسوف تخسر الكويت من جراء ما ادعاه السفير المراد الكثير من سمعتها ومصداقيتها. والسفير المراد كان محظوظاً او لربما كان يعلم بان خبرة مندوبة اميركا في الامم المتحدة لن تمكنها من احراجه والطلب منه مستندات تدل على مزاعمه والأغرب والأعجب أن استهتار المراد بإمكانيات وقدرات السفيرة الأميركية سوزان رايس شجعه ايضا على الادعاء بأن حكومة دولة الكويت لم تتسلم حتى الان فلسا واحدا من مبالغ التعويضات التي اقرتها لجنة التعويضات التابعة هكذا.!
تضليل السفير المراد لمندوبة أميركا مكشوف ويمكن التوصل إليه وبسرعة اذ ان المراد يتكلم عن 24 مليارا هي في الحقيقة قيمة المبالغ المتبقية من مبلغ التعويضات التي سيتم تحصيلها تباعا وتوريدها للكويت ومازعمه المراد من ان الكويت لم تتسلم أي مبلغ من التعويضات سوى للافراد والمؤسسات والشركات الخاصة قول باطل اذ ان الكويت استلمت خلال السنوات الماضية حتى الان تعويضات تقارب الـ12 مليار دولار استلمتها الاجهزة الحكومية والقطاع النفطي والبيئي.
وعليه فكما كان لنواب الامة سابقا مواقف من اي تضليل للمنظمات الدولية او الهيئات الشعبية الداخلية الامر الذي يستوجب من نواب الامة وضع النقاط على الحروف بتقديم اسئلة وتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول مزاعم السفير عبدالله المراد التي ضلل فيها مندوبة اميركا في الامم المتحدة سوزان رايس وكذا الرأي العام الكويتي والدولي كي يطمئن الجميع الى فاعلية الرقابة البرلمانية الشعبية الكويتية على اداء اعمال الادارة الحكومية وبالطبع سوف ينعكس ذلك ايجابيا على الديمقراطية الكويتية في نظرة دول العالم المتقدم اليها ، كما ان اي انعكاس سلبي في قضية التعويضات يتمخض عن تصريحات مندوب الكويت الدائم في الامم المتحدة السفير عبدالله المراد سيكون من مسؤولية وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم مما يتوجب عليه اصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيق في وزارة الخارجية لاستجلاء الحقائق وتقييم مدى انعكاسات تصريحات السفير المراد على قضية التعويضات الكويتية.
كنت قد اشرت في مقال سابق الى ان الكويت قد طلبت من لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة زيادة قيمة مبالغ التعويضات الكويتية واليوم اجد نفسي مضطرا لكشف احد الاسباب الرئيسية التي جعلت لجنة التعويضات الاممية تغل يدها وتقتر في أرقام القيمة العادلة للتعويضات الكويتية والتي في ظني تتراوح ما بين 70-80 مليار دولار وليس 41 مليار دولار التي اقرتها لجنة التعويضات الاممية والسبب يكمن في تقديرات فلكية لمسؤولين كويتيين لقيمة خسائر العدوان العراقي التي يجب دفع تعويضات عنها ما تسبب في خوف عدد من اعضاء لجنة التعويضات التابعة للامم المتحدة من مبالغات وتهويلات بعض المسؤولين الكويتيين الامر الذي ادى كما قلنا الى خسارة الكويت خسارة كبيرة في تقدير القيمة العادلة لتعويضات فمثلا قال محافظ البنك المركزي الكويتي الشيخ سالم الصباح في مقابلة مع «لوموند» الصحيفة الفرنسية الشهيرة في 27/2/1991 ان خسائر الغزو العراقي على الكويت قد تصل الى 500 مليار دولار اميركي!
ومحافظ البنك المركزي يعلم قبل غيره ان ايرادات الموازنات الكويتية منذ الاستقلال في عام 1961 حتى الغزو العراقي الغاشم عام 1990 لم تبلغ او تقترب من الـ500 مليار دولار.
وليس بعيدا عن ما قاله محافظ البنك المركزي ما قاله ايضا وزير المالية الاسبق نصار الروضان في كلمته امام اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي الذي انعقد بالقاهرة في 4/9/1991 حيث قال الروضان ان خسائر العدوان العراقي على الكويت تقدر بشكل «اولي» بـ200 مليار دولار!
تعليقات