هيله المكيمي :استقالة معصومة ليست كباقي الاستقالات

زاوية الكتاب

كتب 450 مشاهدات 0


سقوط اول سيدة استقالة الدكتورة معصومة المبارك وزيرة الصحة ليست استقالة كبقية الاستقالات لأها استقالة أول سيدة كويتية تشارك في الحكومة. وقد شاركت في الثلاث حكومات المتعاقبة الأخيرة بتولي ثلاث حقائب مختلفة بما فيها التخطيط والمواصلات والصحة. والمتابع لأداء السيدات في الحكومة بما في ذلك وزيرة التربية، والوزيرة المستقيلة، يجد بأنها تجربة متميزة أضافت الكثير الى رصيد المرأة في العمل السياسي. وان وقع ضرر بالمرأة فهو نتاج الوضع العام السيئ بسبب تردي العلاقة ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. ما يعني ان حالة التأزم السياسي بدأت تشق طريقها الى مكتسبات المرأة على صعيد العمل السياسي، ما يخل بالعملية الديمقراطية برمتها، التي تؤكد على ضرورة تمثيل الأقليات في الحكومة. فالمرأة وان كانت أغلبية عددية، فهي تصنف ضمن الأقليات السياسية التي يجب ان تحظى بتمثيل دائم في الحكومة، ولاسيما من الكفاءات ذوي الاختصاص والحس السياسي. فعلى اثر حريق مستشفى الجهراء الذي راح ضحيته عدد من الوفيات والإصابات، تأتي الاستقالة كنتيجة حتمية تؤكد تحمل الوزيرة المسؤولية السياسية للحادث. وهي ممارسة راقية تتم في اغلب الديموقراطيات والكويت ليست استثناء. فعلى عكس أغلبية دول العالم الثالث، إذ تشهد كوارث بشرية شبه يومية تفوق كارثة الجهراء، إلا أن الحكومة لا تحرك ساكنا بل يزداد وزراؤها تشبثا بالمنصب والمقعد الوزاري. فالمشكلة اذن لا تكمن في استقالة الوزيرة، بل بظروف الاستقالة، والحالة المرضية التي تعيشها كل من السلطتين. فخلال التسعة شهور الماضية شهدنا جملة من الاستحقاقات السياسية شملت حلا لمجلس الأمة، وتشكيل ثلاث حكومات متعاقبة، واستقالة لأربعة وزراء، بما في ذلك الإعلام، والنفط، والصحة. بل ان الحكومة الأخيرة التي لم يتجاوز عمرها الأربعة أشهر لديها ما يقارب أربع حقائب وزارية شاغرة بفعل تلويح المجلس الدائم بالاستجواب. ومن الجدير بالذكر ان التعاون هو أساس العلاقة بين السلطتين، وهذا ما شدد عليه صاحب السمو أمير البلاد في لقائه مع النواب حينما أطلق مناشدته لإعطاء الحكومة مهلة السنة لانجاز البرنامج، والبدء في العمل، الا ان النواب جعلوا من الاستجواب أساس العلاقة بين السلطتين بدلا من التعاون. فأغلبية الوزراء ضمن طائلة المساءلة السياسية، بما في ذلك حقيبة الشؤون، الداخلية، الدفاع، الإعلام، المالية، الأوقاف، التربية... الخ فإلى أين تقودنا السلطة التشريعية التي خلعت عباءة التشريع، ولبست عباءة التحقيق والمساءلة!!! تحمل المسؤولية الحقيقية لتردي الأوضاع الصحية لا يكون بالتلويح بالاستجواب، والدفع باستقالة الوزير، وانما يكون بالتعاون الحقيقي مع الحكومة من اجل إصدار تشريعات لإقرار مشاريع الخصخصة التي أضحت تحتاج اليها كل مرافق الدولة. فمجلس الأمة شريك مع الحكومة في تحمل مسؤولية ضحايا حريق الجهراء بسبب ابتعاده عن دوره الرئيسى في التشريع. فتلك التشريعات تحتاج الى جهود حقيقية وليست الى بطولات عنفوانية وتصريحات رنانة من قبل النواب. ابتعاد المجلس عن دوره التشريعي، وتوسعه في بطولاته المزعومه، ساهم في مصادرة احد أهم أوجه مكتسباتنا الديموقراطية التي تجلت في سقوط أول سيدة، والتهديد بإسقاط الأخرى. فهل لنا ان نوقف مسلسل زحف السلطة التشريعية على التنفيذية، عملا بالمبدأ الديموقراطي الذي يؤكد على فصل السلطات مع تعاونها! د.هيله المكيمي
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك