داهم القحطاني: اجتماع تاريخي لوزراء الخارجية العرب في الكويت

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 365 مشاهدات 0


تستضيف دولة الكويت اليوم الاجتماع التشاوري الموسع لوزراء الخارجية العرب، لبحث القضايا الراهنة التي تواجه الأمة العربية، وليتوج هذا الاجتماع مسيرة مميزة لدولة الكويت في قيادة مجلس الجامعة العربية منذ تسلم وزير خارجيتها النشط أحمد ناصر المحمد الصباح، سبتمبر الماضي، رئاسة الدورة الـ156 للمجلس على المستوى الوزاري، ولمدة ستة أشهر. 

هذا الاجتماع المهم جداً يأتي في توقيت غير عادي، فالأمة العربية تواجه أزمات غير مسبوقة في الأشهر الأخيرة، فهناك تصاعد عمليات الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران ضد الأمن والسلم الدوليين، عبر القيام بقصف منشآت مدنية سعودية عبر طائرات مسيرة، وعبر قصف منشآت مدنية إماراتية بالصواريخ الموجهة، وهو ما يتوقع أن يبحثه الاجتماع التشاوري العربي لايجاد خطوات عربية مشتركة تمنع هذه الانتهاكات ذات الطابع التخريبي.

الاجتماع سيبحث اتخاذ موقف موحد من التدخلات الإيرانية في الشأن العربي خصوصاً في اليمن، وسوريا، ولبنان، والعراق بحيث تحسم إيران موقفها المتلون من مقترحات التهدئة، التي طالما طرحتها دول عربية عدة عليها، بدلاً من اتباع دبلوماسية ذات خطاب ناعم يدعو للسلام والإخوة الإسلامية، في حين تبرز مواقف إيرانية على الأرض مناقضة تماماً لهذا الخطاب.

الاجتماع التشاوري العربي الذي سيشارك فيه وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، سيشهد رد لبنان على مبادرة الكويت، وهي مجموعة الأفكار والمقترحات التي طرحها وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح على الحكومة اللبنانية مؤخراً، وتتضمن مخرجاً للبنان من الأزمة السياسية، التي يواجهها مع دول مجلس التعاون الخليجي، على ضوء المواقف العدائية لمسؤولين لبنانيين مدعومين من حزب الله اللبناني ضد دول خليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

ويتوقع أن يبحث الاجتماع التشاوري العربي في الكويت أيضاً الاحتمالات الكارثية لتصاعد الخلاف الأميركي الروسي في المسألة الأوكرانية، وتأثير هذا الخلاف في حركة الملاحة في الخليج العربي إن تصاعد إلى مرحلة المواجهة العسكرية.

كما سيبحث الاجتماع بطبيعة الحال الملف الليبي، الذي شهد التراجع مؤخراً عن تنظيم الانتخابات الرئاسية الليبية، وهو كان يؤمل أن تكون هذه الانتخابات مرحلة تحول حقيقية ومفصلية في المشهد الليبي.

الكويت لم تنتظر هذا الاجتماع التشاوري أو الاجتماعات الدورية لمجلس الجامعة لتبحث عن حلول ممكنة للقضايا والأزمات العربية، حيث بادرت ونجحت عبر دبلوماسية كويتية نشطة، تمتد جذورها الراسخة في العمل الدبلوماسي العالمي والعربي، في التصدي للقضايا العربية العاجلة فكان النجاح الكبير في تخفيف الاحتقان بين المملكة المغربية، وجمهورية الجزائر، ومنع تصاعد الخلاف السياسي من الوصول إلى مرحلة المواجهة العسكرية.

هذا الدور الكويتي الكبير في منع تصاعد الأزمة المغربية الجزائرية لم يبرز في وسائل الإعلام نتيجة نهج كويتي قديم في العمل بصمت حتى بعد اتجاه الأزمة لمرحلة التهدئة، وهو ما نعتقد أنه نهج خاطئ، لأنه يحرم الكويت من حقها الطبيعي في أن يعرف المواطن العربي، أينما كان، أن هناك شعباً وبلداً وحكومة عربية تحمل على عاتقها وبنجاح هم تقريب العرب، ومنع تفاقم الأزمات السياسية والعسكرية بينهم.

كما لعبت الدبلوماسية الكويتية دوراً رئيسياً في إعادة تأهيل الدولة الليبية، ومنع انهيارها عبر المشاركة وبفعالية في تنظيم المؤتمر الدولي لدعم الاستقرار في ليبيا، الذي عقد وبنجاح في الداخل الليبي بمشاركة 30 دولة للمرة الأولى منذ سقوط نظام معمر القذافي.

الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في الكويت يؤمل أن يكون بفضل الدبلوماسية الكويتية نقطة تحول مهمة تعيد للعمل العربي المشترك قوته وتأثيره، بعد أن ثبت لكل الدول العربية أن العمل على مواجهة القضايا العربية من دون إطار عربي أوسع لن يوصل إلى نتيجة مرضية.

تعليقات

اكتب تعليقك