خالد الطراح: تنقيح الدستور ليس حلاً

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 411 مشاهدات 0


قوى تاريخية تسعى إلى افتعال الأزمات السياسية بين الحكومة ومجلس الأمة وتصويرها بأنها علة دستورية وليست سياسية، بغية الوصول إلى تشبع الرأي العام والشعب الكويتي عموماً بعدم جدوى دستور 1962.. وصولاً إلى التنقيح الانتقائي أو الجذري لدستور الدولة!

مغامرة خطرة تقودها قوى سياسية وشعبية متضررة من النظام الدستوري الديموقراطي، وقد تكون بمباركة حكومية، غير مستبعدة، فالحكومة هي الطرف الأول المتضرر من العدالة الاقتصادية والاجتماعية والحقوق الفردية التي صانها الدستور على مدى عقود بالرغم من التشوهات التي لحقت بالإرث الديموقراطي.

تؤكد القراءة المتأنية للحالة السياسية الكويتية قبل وبعد الغزو العراقي، أن القوى المناهضة لدستور 1962 لم تزل تراهن على تغذية ثقافة سياسية مشوهة ضد الدستور، بالرغم من البراهين التي حصنت الكويت نظاماً وشعباً من أطماع خارجية، ولعل أبرزها الغزو العراقي. 

لا شك أن ما يشهده مجلس الأمة من اهتزازات وأزمات سياسية وانحرافات لائحية ودستورية تغذي بدورها مشروع القوى المناهضة للنظام الديموقراطي الدستوري بدعم قوى الفساد السياسي والمالي، فالكويت تشهد قضايا فساد غير مسبوقة تاريخياً.

تهاوت مشاريع سياسية مسمومة بالعبث عبر التاريخ، كما حصل عند حل مجلس الأمة في عام 1986 واستبدال المجلس الوطني به كغاية حكومية ضد دستور 1962، وهي مغامرة سياسية لا تختلف عن مثيلاتها في الستينيات والسبعينيات!

تستدعي الذاكرة ما نشرته صحيفة «السياسة» في 17 أبريل 2020 عن «عاصفة تغيرات دستورية»، حيث صدر النفي غير المباشر والمقتضب للخبر من المستشار السابق في الديوان الأميري د. عادل الطبطبائي، وهو ما نعتقد انه يضفي شيئاً من الصحة للخبر!

لست بصدد مناقشة خبر «السياسة»، ولكن لا بد من التذكير به وتفاصيله والنفي الخجول.. فمثل هذا الخبر كان ينبغي التعامل معه بمهنية سياسية وإعلامية إن كان الخبر فعلاً غير صحيح أساساً!

أؤكد مجدداً ما نشرته في مقال سابق بعنوان «عاصفة التعديل الدستوري!».

إن أي محاولة للتنقيح قد تقود إلى الدخول في نفق مظلم، فمثلاً هناك احتمال أن تتحمّس تيارات دينية نحو تعديل المادة 6 بشأن «السيادة للأمة مصدر السلطات»، مقابل أن يُستبدل بالنص أن تكون الشريعة الإسلامية مصدر السلطات!

هذا لا يعني أن تيارات سياسية وفكرية أخرى لن تكون لديها أجندات ومطالب خاصة بها، وهو ما قد يعقّد الوضع السياسي ككل.

ما أخشاه ان تنفك السبحة الدستورية وتتبعثر مكوّنات روح دستور الدولة، وهو ما قد يقود إلى نتائج لا تُحمد عقباها. لذا، من الأفضل ولمصلحة البلد والشعب المحافظة على دستور الدولة وإصلاح النظام الانتخابي، ففيه تكمن العلة أساساً.

ثبت عدم جدوى النظام الانتخابي الحالي، وينبغي على الحكومة مقارنة الوضع القائم مع العهود السابقة، فالأغلبية النيابية التي هي بيد الحكومة باتت تتمرّد على الحكومة نفسها، بسبب أجندات خاصة وتواضع اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بل المساومة باتت أكثر وضوحاً!

تعليقات

اكتب تعليقك