علي الفاضل: الليبراليون انتقائيون في دفاعهم عن الصايغ وبشار وتجاهلهم لحزب التحرير

زاوية الكتاب

كتب 534 مشاهدات 0


مستشفى الجهراء.. والانتقالية الليبرالية علي الفاضل الأحد, 26 - أغسطس - 2007 حدثان حصلا خلال أسبوع واحد، كل منهما كفيل بإسقاط حكومة بأكملها، لا مجرد وزير هنا أو هناك. أما الأول فهو الاختطاف التعسفي للصحافي بشار الصايغ الذي اختطفه الجهاز الأمني ثم أفرج عنه بكفالة مالية في دولة الدستور والمؤسسات والرقابة الشعبية. وإذ كنا نتحدث عن هذا الاحتجاز للزميل بشار، فلا يمكن أن نغض الطرف عن اعتقال بعض المنتمين لحزب التحرير، في خطوة من شأنها أن تدلل على وجود اتجاه بوليسي، ربما يكون بداية لخطوات بوليسية أخرى مستقبلية تنوي الأجهزة الأمنية اتخاذها وقتما تشاء وكيفما تشاء من دون رقيب أو حسيب أو رقابة شعبية، في عودة إلى الوراء نحو الحكم التسلطي، في وقت تعلو فيه الأصوات لتفعيل مؤسسات المجتمع المدني! ولكن دعونا هنا ندقق ونلفت الأنظار إلى جزئية تستحق الرصد والاهتمام وهي مدى الانتقائية التي تمارسها القوى الليبرالية التي لم تحرك ساكنا تجاه اعتقال أعضاء حزب التحرير الذين استخدموا وسائل سلمية للغاية للتعبير عن رأيهم المكفول لهم التعبير عنه قانونيا ودستوريا، فما الفرق يا ترى بين اعتقال زميل في عالم الصحافة - وهو ما نستنكره قطعا - واعتقال ومصادرة آراء ناشطي حزب التحرير، بغض النظر عن مدى اختلافنا مع آراء وطروحات وفكر هذا الحزب الهامشي التأثير؟ انه أمر لافت للنظر ومحير للفكر.. فإذا كانت حرية الرأي تمثل منطلقا مبدئيا وخطا أحمر لا ينبغي تجاوزه لدى المنادين بالحريات، فإذن لا دخل لأي اعتبارات أخرى، لأن المبادئ غير قابلة للتجزئة والتبعيض. أعتقد أن المسألة مرتبطة باعتبارات أضيق من خرم الإبرة وهو ما نعبر عنه بالمصالح الضيقة، وإلا فما السر والجدوى في التفريق بين حادثين يدخلان ضمن السياق نفسه (الحريات) ويندرجان ضمن إطار واحد، اللهم إلا تفعيل نظرية العين العوراء؟ أما الحادثة الأخرى فهي بعيدة تماما عن سياق ونطاق ما سبق أن تصدرت أحداثها مانشيتات الصحف المحلية، وهي لا تعدو أن تكون استمرارا مخزيا لمسلسل متكرر اعتدنا عليه، وتنتجه وتخرجه وزارة الصحة ولكن هذه المرة بشكل أكثر مأساوية وأشد تأثيرا وأنكى وطأة وأقوى ألما! تخيلوا بالله عليكم منطقة بحجم محافظة الجهراء التي يقطنها أكثر من ثلث سكان دولة الكويت، لا يتوافر لها سوى مستشفى واحد! لقد كتبنا مرارا وتطرقنا تكرارا لهذا الموضوع من دون أن تهتز لدى الحكومة شعرة في رموشها، والسبب أنه لا توجد خطة تنموية في هذا الإطار يمكن محاسبة الحكومة عليها. أي انسان مهما كان مستواه التعليمي يستطيع أن يدرك، بشيء من المنطق والعقل، أنه لا يمكن لمستشفى وحيد متهالك أن يستوعب الاحتياجات الصحية المهمة لأكثر من 350 ألف مواطن ومقيم في محافظة واحدة! من المتسبب المسؤول عن وفاة اثنين من كبار السن المرضى يوم الخميس الماضي في الجهراء نتيجة تعطل أجهزة التنفس الصناعي عنهما؟ ولماذا يتحمل المرضى الآخرون مسؤولية عدم وجود مستشفى آخر يمكن اللجوء إليه بديلا في المحافظة نفسها، إذ هرع ذوو هؤلاء بحثا عن ملاذ آمن حتى اضطروا الى الذهاب لمستشفيات بعيدة تكبدوا عناء الذهاب إليها رغم أوضاعهم الصحية، إذ كان دخان الحريق يملأ المكان؟ لماذا لا يستيقظ مسؤولونا دائما إلا بعد وقوع الكوارث وخراب مالطا؟ وهل نحتاج دائما إلى مصيبة حتى يدرك أصحاب القرار مدى مأساوية الأوضاع في المرافق الصحية؟ إحدى الناشطات السياسيات التي تترأس هيئة تسمى «نحو أداء برلماني متميز»، ادعت قبل أيام ان الاستجواب الموجه لوزيرة الصحة من قبل النواب هو استجواب لجميع نساء الكويت، لمجرد أن المستجوب امرأة وزيرة! لن أعلق كثيرا ولكني أكتفي بالسؤال التالي: هل هذا مستوى الطرح لدى من تريد الوصول إلى عضوية مجلس الأمة؟!
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك