العبء الاستراتيجي للمفاعل النووي الإيراني
عربي و دوليمتى يفر غلام رضا اغازاده إلى الغرب
يوليو 18, 2009, منتصف الليل 1593 مشاهدات 0
يعرف مركز الثقل Center of gravity في قاعات كليات القيادة والأركان العسكرية بأنه العنصر، أو العناصر، الذي ترتكز عليه القدرة القتالية لطرفي الصراع؛ والطرف الذي يستطيع تدمير مراكز الثقل للطرف الآخر، يتحقق له النصر، وقد اعتبر الغرب منذ وصول سماحة الإمام الخميني لإيران وقيام الجمهورية الإسلامية في أواخر سبعينيات القرن الماضي، أن مركز الثقل الذي يجب مهاجمته حتى تفقد الجمهورية اتزانها هو النظام السياسي لحكم الملالي، لكن الغرب فشل لمدة ثلاثين عاما في إرسال الضربة القادرة على الوصول إلى القنوات الهلالية للنظام، فلم يفقد اتزانه ولم يسقط حتى الآن، ولم يتسنى للغرب النجاح في تقدير مركز الثقل لإيران، لكن الطرفان استمرا في مهاجمة بعضهما البعض سياسيا واقتصاديا بل وبالتحرشات العسكرية من خلال المناورات حد الاحتكاك من كلا الطرفين.
وعلى حين غرة لاحت للغرب النقطة الحاسمة Decisive Point وهي عسكريا تعني مكان في العمق التكتيكي أو التعبوي أو العملياتي للعدو، تمكِّن السيطرة عليها من استمرار القوة الدافعة للهجوم، والحفاظ على المبادأة، في اتجاه الضربة الرئيسية، والنقطة الحاسمة كانت هي (المرشح مير حسين موسوي) بكل تداعيات ترشيحه وسقوطه ومارافقها من غليان متزامن في شارع بهشتي وشارع ولي عصر في طهران الى شارع ماساتشوستس ومنطقة دوبونت في العاصمة الأميركية واشنطن، ظهور النقطة الحاسمة (الموسوية) فتحت الطريق أمام ضابط تحديد الأهداف Targeting Officer في السياسة الخارجية الأميركية الذي أخذ يدعو إلى استمرار الدفع باتجاه توسيع حجم الفجوة، وفي الوقت نفسه الدخول من خلالها لإعادة إيجاد مركز ثقل إيراني أكثر انكشافا vulnerability من النظام السياسي لحكم الملالي، وكان ذلك هو برنامج إيران النووي، لكن من مدخل جديد غير مدخل التهديد بالحرب والإغارة اوالعزل والحصار الاقتصادي، بل بتشويه صورة المشروع في عيون الإيرانيين ورفع بوسترات ضخمة له في شوارع طهران على انه عبء استراتيجي ،ومصدر بؤس للشعب الإيراني بدل أن يكون مصدر فخر للأمة، كما روج لذلك الرئيس محمود أحمدي نجاد طوال السنوات الماضية.
ولايستطيع مراقب للساحة الإيرانية ان يصف رجل قاد بلاده من منصب رئيس الوزراء في اعنف حرب في تاريخها الحديث بالتخاذل أو التهاون في أمنها، لكن مير حسين موسوي يجد أن برنامج بلاده النووي قد استغل من قبل المحافظين للغطرسة الفجة، ويقود أمته إلى حافة الهاوية، كما إن من قناعات موسوي أن الاتفاقيات الدولية في مجال الطاقة الذرية لاقيمة لها ولن تحمي إيران طالما كان هناك توجس غربي، بالإضافة إلى قناعته بصعوبة التحصن ضد الاختراق، وصعوبة إخفاء الأنشطة النووية لتغلغل الشركات العاملة في هذا المجال بعضها مع بعض، ثم ان التلويح بقرب الحصول على القوة النووية لم تساعد إيران في فرض هيمنتها أو احترامها سياسيا او لعب الدور الذي تريد في المنطقة، إلا من خلال الطرق الملتوية في دعم الأطراف المارقةRogue Stateٌ في العرف الغربي .
لقد عبرت قناة السويس قبل أيام مدمرتين إسرائيليتين، بعد عشرة أيام على مرور غواصة إسرائيلية قادرة على شن هجوم نووي، وهي كما تسرب إسرائيل تأتي في إطار إعداد تل أبيب لهجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، لكن ذلك لا يعدو أن يكون وسيلة للضغط على الشارع الإيراني لتهيئته للتغييرات الكبرى في طهران، أما مظاهر الحرب الرئيسة فهي خطبة صلاة الجمعة 17 يوليو 2009م من رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، والتي هي عرض لقوة الإصلاحيين، حتى لا يكون الرئيس محمود أحمدي نجاد سيد الموقف ويصورهم كمن انزوى في جحره من العار، والمظهر الثاني هو ما أعلنه موسوي حيال سعيه خلال المرحلة المقبلة لتأسيس حزب وتوحيد جهود المعارضة في قالب واحد، مع تمنيات الغرب الخالصة في أن يرفض مجمع تشخيص مصلحة النظام الموافقة على هذه الخطوة فيصبح موسوي ضحية النظام وبطل الشارع، ثم قد ينزل تحت الأرض فيدخل مصاف الشهداء، أما المظهر الأخير من الحرب الرئيسية التي ليست أصابع واشنطن ببعيدة عنها فهي استقالة رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية غلام رضا آغازاده، المسئول الرئيسي عن تطوير البرنامج النووي الإيراني، بعد أن أمضى 12 سنة في هذا المنصب، والذي يعتبر من المقربين من زعيم المعارضة حسين مير موسوي .
لقد دخلت واشنطن في تجويف موسوي، ولم يبقى إلا أن يجره نظام الملالي في خطوة غير محسوبة إلى داخل قلعتهم المحصنة بدل تجاهله، فيصبح حصان طروادة هذا وبالا عليهم، لكن ذلك يتطلب خطوة أخرى نتوقع حدوثها قريبا وهي فرار غلام رضا اغازاده رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية السابق للغرب، ليميط اللثام عما تساءل العالم عنه طويلا ويوقع صك شرعية التغيرات الكبرى في طهران.
تعليقات