ميثم الجشى يكتب عن الفقهاء الشيعة الجدد الذين أفرزتهم الأزمة الإيرانية، منتقدا الكتاب الذين يفتون في فقه الشيعة
زاوية الكتابكتب يوليو 9, 2009, منتصف الليل 1150 مشاهدات 0
الفقهاء الشيعة الجدد
ميثم الجشى
أبارك للطائفة الشيعية في كل مكان، فقد أفرزت لنا الأزمة الإيرانية فقهاء شيعة جددا، آخر صرعة، فقد تجاوز هؤلاء الفقهاء الجدد ما يستلزم عشرات السنين من الدراسة في أقل من أسبوع، فهم بحق فلتة من فلتات الزمان، فحتى الصدر أو مطهري لا يكادان يقفان أمام هذا الذكاء الخارق الذي تميز به هؤلاء، وإنني أنتظر على أحر من الجمر تعليقاتهم على العروة الوثقى ومن لا يحضره الفقيه.
فجأة ومن دون مقدمات أصبح عدد من الكتاب خبراء في الفقه الشيعي، فأخذوا يرسمون لنا حدود نظريات الحكم لدى الشيعة، وأدلتها، ونقضها، وتقييم كل وجهات النظر الدينية لطبيعة الحكم لدى الشيعة، وقد أدرجوا تحت هذه العناوين الكثير الكثير من الأكاذيب و الافتراءات، والعجيب أنهم يضعون كلماتهم في أفواه مفكرين شيعة، لكي يبرهنوا على اطلاعهم، ولو عدت لهذه المؤلفات التي أشاروا لها، لم تجد ما يدلل على افتراءاتهم، هناك ثلاثة أو أربعة كتّاب مثلا ظهروا علينا على مدى الأسبوع المنصرم بنظريات غريبة، وأسندوا كل ما قالوه للمفكر السعودي الدكتور توفيق السيف، وهو مفكر شيعي بارز، جمع بين الدراسة الأكاديمية والحوزوية، وله مؤلفات عديدة في الدين والسياسة، والنظريات التي أسس لها الفقهاء الشيعة بالنسبة لمسألة الحكم، ولكن جل ما أسندوه للدكتور السيف لم يقله، ولكنه كان نتيجة إما لسوء فهمهم أو لسوء نيتهم، إن الدكتور السيف عندما سرد التسلسل الزمني للفقه السياسي الشيعي لم يكتب من منطلق التغليب، أي تغليب رأي على آخر، بل إنه كان دقيقاً جداً في ألفاظه وتعبيراته، وصحيح أنه والدكتور فؤاد إبراهيم قد أشارا في مؤلفاتهما لقلة العلماء الشيعة القائلين بولاية الفقيه، وأنهما أشارا إلى أن من أعاد إحياء هذا الرأي هو الإمام الخميني، ولكنهما لم يميلا أو يغلبا رأيا على رأي، ولم تكن القلة القائلة برأي ما خصوصاً في الدين بالضرورة على خطأ، فلو كان المنهج كذلك، لأصبح ابن تيمية والألباني أكبر الشاذين بالنسبة لأهل السنة، بل هي اجتهادات دينية.
الشيء الآخر أن أحد هؤلاء الفطاحل كذب كذبة وصدقها، أو أن من أعطاه هذه المعلومة قد استغفله، فيقول في مقاله، إن الإمام الخميني قد أطلق أيادي المعممين في الحكم، وأن أبو الحسن بني صدر أول رئيس إيراني بعد الثورة قد ضُيق عليه من قبل الخميني حتى اضطر للهرب!! وهذا قلب للحقائق 180 درجة، فالإمام الخميني قد اشترط على المعممين من كوادر الثورة الابتعاد عن المناصب التنفيذية في الدولة كالرئيس أو رئيس الوزراء في ذلك الوقت، فكانت حكومة بني صدر جلها من المدنيين، فصفي جل كوادر الثورة بالاغتيالات التي كان أبو الحسن بني صدر يسهل حدوثها، ومن كان يقوم بها هي منظمة مجاهدي خلق، وحتى لما كشف من حول الخميني أمره، أمرهم بالكتمان، فالشعب هو من اختاره، والشعب هو من يطرده، حتى هرب في زي امرأة، وأصبح أحد قادة منظمة خلق علناً.
إن من يعتقد أنه بالكذب سيشوه صورة إيران فهو مخطئ، ومن يعتقد أنه بالكذب أيضاً سيحبب إيران للناس فهو مخطئ أيضاً، فتجربة الإعلام مع صدام حسين لم تزل حاضرة، فكادوا في الثمانينيات أن يترضَّوا على اسمه بعد ذكره، ولكن الحقيقة ظهرت، وأول ما بدأ به هم جيرانه ومن ساعده. وهكذا هي إيران، فبغضكم لها لن يزيدها سوءا، وحبكم لها لن يجعلها مدينة أفلاطون الفاضلة، انقلوا الواقع قبل كل شيء، وحتى إن كنتم تكرهون إيران حد كرهكم للموت، فحيادكم في النقل والتحليل هو ما سيرفع درجة مصداقيتكم لدى القراء، فلو كذبتم اليوم وصدقتم كذبكم، فغداً ستفتضحون، وستكونون أضحوكة بين قرائكم.
تعليقات