داهم القحطاني: تصريف العاجل من الأمور أصبح إحدى أهم سمات العمل السياسي في الكويت فلم يعد هناك استقرار سياسي قائم وفق خطط واستراتيجيات معدة سلفاً
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني نوفمبر 18, 2020, 10:57 م 432 مشاهدات 0
تصريف العاجل من الأمور أصبح إحدى أهم سمات العمل السياسي في الكويت، فلم يعد هناك استقرار سياسي قائم وفق خطط واستراتيجيات معدة سلفاً من قبل مختصين في العلوم السياسية والتخطيط التنموي.
لم يعد هناك من يستمع للطرح العميق القائم على الحقائق والأرقام التي لا تجامل الحكومة، ولا تهتم بردود الفعل الشعبية، فهناك حالة من التسابق نحو اتخاذ قرارات انفعالية ثم التراجع عنها ثم العودة لها وكأن العمل العام في الكويت مجرّد «غشمرة» و«وناسة» ووقت فراغ يقضيه السياسي ليتسلى.
لماذا يحدث كل هذا؟
الأسباب العديدة، وذكر بعضها سيعرضنا للملاحقة القضائية في زمن أصبح الفاسد معلوم الفساد يلاحق المصلحين بالقضايا القضائية الكيدية من أجل تخويفهم وإرهاقهم في أروقة النيابة العامة والمحاكم.
أما الأسباب الأخرى فمتعددة، فهناك حكومات ركزت في السنوات الأربع عشرة الماضية على إخضاع كل الخصوم بكل وسيلة متاحة، حتى وصل الأمر الى قيام الحكومة بوضع نظام انتخابي يناسبها عبر سلطة المراسيم بقوانين الاستثنائية، وهو ما خلط الحابل بالنابل، وجعلنا في الكويت نعيش مشهداً سياسياً فوضوياً وهشاً يشابه تماماً مشهد الحركة المرورية للسيارات عندما تزدحم الشوارع ولا تكون هناك إشارات مرورية تنظم حركة السير، فتزيد الفوضى ويبدأ كل قائد سيارة وهو يحاول خلق إشارات مرور مصغرة خاصة به.
الأسباب الأخرى تتعلق بالقوى السياسية، إن كانت هناك بالفعل قوى سياسية منظمة في الكويت، فالوضع الحالي يشير الى أن التيارات السياسية الضامرة أصبحت مجرد متلق للصفعات من دون أن تكون لديها قدرة على المشاركة بفعالية في الإصلاح، وأنها وفي سبيل استمرارها في المشهد السياسي تعودت أن تدير الخد للآمر لتلقي مزيد من الصفعات.
منذ سنوات طويلة والكل يعلم أن الحكم في مفهومه الأوسع يعني إدارة الشأن العام بمشاركة شعبية حقيقية، وعبر منظومة سياسية متكاملة، يدير كل جزء فيها سلطة مختصة ولا نقصد هنا السلطات التقليدية الثلاث، بل السلطة الفعلية سواء كانت تستمد مشروعيتها من الدستور نفسه، أو تستمد مشروعيتها من دورها الفعلي في إدارة الشأن، كما تفعل سلطة الرأي العام في الكويت عبر الاستخدام الذكي لوسائل التواصل الاجتماعي.
الانتقال من حقبة الصراع وتنازع السلطات إلى حقبة القبول بالآخر، والتوقف عن إلغائه وتهميشه سيخلقان لنا مشهدا سياسيا مختلفا يعيد للسلطات الرسمية والشعبية دورها المفترض في رسم استراتيجيات إدارة الشأن العام أو دعم هذه الاستراتيجيات.
هذا الانتقال المحمود سيجعل الكويت تعود مرة أخرى للإدارة الحكومية الرشيدة بعيدا عن التعاطي مع كل القضايا وكأن كل شيء مؤقت، فلا معالجات ولا تحوط ولا منظومة سياسية تجعل تصريف العاجل من الأمور مجرد إجراء مؤقت كما هو بالأصل، ويمنع اللجوء اليه في كل مرة تواجه فيها السلطات العامة، بما فيها مجلس الأمة ومؤسسات المجتمع المرتب، وضعا سياسيا هشا يستلزم الأمر معالجته من الجذور.
تعليقات