المشروع النووي الكويتي

محليات وبرلمان

الشفافية القاتلة في عمل اللجنة الوطنية لاستخدامات الطاقة النووية

3746 مشاهدات 0


غياب وزارة الدفاع عن لجنة بناء المشروع، خطأ استراتيجي

هل نخاف من تدمير الF16 الإسرائيلية للمشروع؟ 


 حفل الأسبوع الماضي بتفاعلات نووية عدة، فلا زال المفاعل النووي الإيراني يلقي بظلاله على التحولات التي تشهدها الساحة الإيرانية، فهو طموح نجاد وعصاه التي يهزها في وجه الغرب، والبرنامج النووي الإيراني هو الموضوع الذي يعتقد موسوي بأنه قد أسيئ تسويقه فجلب المشاكل لطهران، وتلك اللهجة  التي يفضله الغرب من أجلها ، كما أن المفاعل هو الذي تسللت بسببه أصابع لندن وواشنطن إلى شوارع طهران في الأسابيع الماضية . في سياق آخر تم يوم أمس الأول تعيين الياباني  يوكيا أمانو في منصب  المدير العام الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية وكان أن أعلن حال تسلمه لمنصبه أن لا دليل على ان إيران تسعى لامتلاك السلاح النووي. من جهة أخرى قالت الشرطة إن مهاجما انتحاريا يركب دراجة نارية فجر نفسه إلى جوار حافلة في مدينة روالبندي  ووفق ما أكده أحد ضباط الشرطة المحلية أن الحافلة كانت تضم موظفين  مدنيين تابعين لقسم الأبحاث النووية الباكستانية .

لكن' إعلانا نوويا' صغير شد الانتباه أكثر من غيره، و(الإعلان عن وظيفة) المنشور أمامكم ليس جزءا من إعلانات جريدة الالكترونية، فقد تم نشره في الأسبوع الماضي في أكثر من صحيفة خليجية منها القبس الكويتية والراية القطرية وأخبار الخليج البحرينية. ومضمون الإعلان هو طلب خبراء في تخصص الطاقة النووية للإغراض السلمية شرط الحصول على شهادة دكتوراه في هندسة الطاقة النووية وخبرة 10 سنوات في نفس المجال .

و تجدر الإشارة هنا أن أكثر من دولة خليجية قد شرعت في  وضع اللبنات الأولى  لبرامج    نووية للاستخدامات السلمية ومنها الكويت التي صدر فيها المرسوم  الأميري رقم 43 لسنة 2009 بإنشاء للجنة الوطنية لاستخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية الذي حدد اختصاصاتها بوضع السياسات العامة التي يتطلبها البرنامج النووي السلمي وإعداد جميع متطلبات البرنامج النووي السلمي من النواحي الفنية والأمنية والقانونية والاقتصادية وأنظمة السلامة العامة وفقا لبرنامج وإرشادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبالتعاون معها. واللجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الدكتور محمد صباح السالم الصباح ووزير الكهرباء والماء ووزير الداخلية ووزير الصحة ود. عدنان شهاب الدين و د. احمد بشارة د. ناجي المطيري ود. عبدالله الفهيد ومدير عام الهيئة العامة للبيئة بالوكالة الكابتن علي حيدر. وقد أقرت  اللجنة لائحتها الداخلية الانتقالية والخطة المرحلية لأعمال اللجنة للعامين المقبلين كما اعتمدت الميزانية التقديرية الأولية للسنة المالية 2009- 2010. وقد  اختارت اللجنة   لجنة تنفيذية مصغرة برئاسة د. محمد صباح السالم الصباح وعضوية كلا من د. شهاب الدين ود. بشارة لمتابعة تنفيذ قرارات اللجنة وتوصياتها.

لا يشير الإعلان صراحة إلى الدولة الخليجية الباحثة عن خبراء الطاقة النووية ، لكنها لن تخرج عن دول مجلس التعاون الخليجي التي يبدوا أنها قد دخلت في سباق من نوع آخر مع جمهورية إيران الإسلامية ، فإذا كانت الجارة العزيزة تبني مفاعلا نوويا للأغراض السلمية فما تقوم به دول الخليج العربي لن يخرج عن الأغراض السلمية نفسها! وإذا كانت لإيران مآرب أخرى فقد صدرت تقارير خليجية تشير إلى أن من ضمن البدائل المعروضة أمامها، الانضواء تحت مظلة نووية غربية صديقة، ولم نحدد مقرها الذي  قد يكون في  الكويت أو البحرين أو أبوظبي . 

ويقف الكثير من المراقبين في حيرة أمام  اللجنة  الكويتية الوطنية لاستخدامات الطاقة النووية للإغراض السلمية والشفافية القاتلة التي تنتهجها.
لقد تم تشكيل اللجنة بناء على أسماء أعضاءها ومناصبهم بشكل يظهر علة التوجس حيث  أن الحذر قد أصابها في مقتل. ففي سعينا لتحقيق طموحنا النووي ، وردت كلمة السلمي في ديباجة مرسوم إنشاء اللجنة أكثر من كلمة النووي نفسها، وكأننا في هلع من غارة ستشنها طائرات F16 الإسرائيلية على الورق الذي اعتمدت فيه ميزانية اللجنة التقديرية الأولية للسنة المالية 2009- 2010. لأن هذه هي الخطوة التي تم  انجازها حتى الآن، و لإثبات حسن نوايانا النووية ولدواعي الشفافية تم عن عمد تغييب رجال  وزارة الدفاع عن  عضوية اللجنة، وهنا نتساءل عمن سيتم تكليفه لاختيار مكان المفاعل، من حيث حساب أقصى مديات المدفعية في دول الجوار التي لن يجوز لها الوضع ؟، وماهو أصعب مكان للإنزال البحري المعادي حتى يقام فيه المشروع ؟ ومن سيحسب مسافات وسرعات طائرات العدو المحتمل لمشروعنا 'السلمي ' الذي سيهدد اقتصادهم بحكم أن الحرب مشاريع اقتصادية بالدرجة الأولى؟ وماهي مظلات الدفاع الجوي المكلفة بحمايته، وما هي خطة الدفاع المحلي للمشروع لحمايته من التصوير الجوي من مرحلة بناء الأساسات إلى مراحل التشغيل، ومن سيحدد المقتربات الجوية من المفاعل؟ وأمور كثيرة لن تتم الإجابة عليها إلا من قبل رجال محترفين في هذه المجالات، إلا إذا كانت الشفافية تدعوا إلى تسيير رحلات سياحية بالهيلوكبتر للمشروع أثناء تنفيذه! 

الإعلان المنشور المذيل باسم الجهة المعلنة وهي derasatdpt للتواصل وتقديم السيرة الذاتية، هو انتهاك لسرية المشروع، فإذا تجاوزنا السرية في المشاريع النووية فما هي المشاريع التي تتطلب السرية ؟ إن تكليف شركة التوظيف والعلاقات العامة المسماة' 'derasatdpt   لهذا النوع من المشاريع الإستراتيجية ذو دلالات محزنة ، وإذا تجاوزنا عبثية وضعهم لبريد الكتروني مجاني تابع لشركة غوغل  حيث لا يتطلب الأمر للحصول على محتويات بريدهم وأسماء العلماء المقبلين للعمل في مفاعلاتنا ومن ثم وضع شحنة ناسفة في دراجة نارية كما حصل في روالبندي،  إلا اختراق نسخة  غوغل التجريبية  Beta من خلال برنامج Sub7 Hacker مجاني التحميل، فهل ذلك جزء من الشفافية؟ أم أن نشر الإعلان  في الصحف الخليجية هو من باب  رفع العتب أمام المجالس الرقابية من تشريعية ومحاسبية ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما علينا إلا التمعن في أسماء بعض أعضاء اللجنة الكويتية  ومنهم رجال لهم باع طويل في المجال الأكاديمي ، فمنهم د.أحمد بشارة  أستاذ الكيمياء وأمين عام التجمع الوطني الديمقراطي بالكويت سابقا وعضو المجلس الأعلى للتخطيط ، ومنهم الدكتور عدنان شهاب الدين و هو علم من أعلام الهندسة و علوم الطاقة والبيئة، حيث امتد نشاطه ليصل إلى أوروبا فعمل في المركز الأوروبي للأبحاث الذرية في جنيف، وفي  أميركا  كعالم أبحاث زائر في مختبرات لورانس بيركلي في جامعة كاليفورنيا، كما كان مديرا للمكتب الإقليمي للعلوم والتكنولوجيا التابع لمنطقة اليونيسكو وعمل في وكالة الطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا.
 ألا يعرف  هؤلاء الرجال زملاء مجالاتهم ومهنتهم من المختصين بدل نشر إعلان هو في حد ذاته ثغرة أمنية للمشروع ؟
 إن اختيار وزارات الخارجية والداخلية والصحة والكهرباء واختيار مدراء الجامعة والتطبيقي في الوقت الذي لا يتم اختيار مختص واحد إلا الدكتور شهاب الدين يدل على اختيار مخططين أكثر من من كونه اختيار لمختصين، كما أن تكليف شركة توظيف عامة بهذا الانكشاف يدل على قصور واضح في طريقة وضع اللبنة الأولى لمشروع استراتيجي حيوي بهذه الأهمية، وإذا كانت نيتنا  لاستخدامات الطاقة النووية للإغراض السلمية تتعدى الحرب النفسية فإن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح رئيس اللجنة التنفيذية المصغرة للمشروع خير من يعرف أنه كان هناك فريق كبير من خيرة أبناء الكويت  عمل  الكثير منهم بصمت لسنوات طويلة، وبسرية تامة، مع جهات داخلية وخارجية حتى تم إخراج كتاب الكويت الأبيض Kuwait White Book المعروف باسم الإستراتيجية الوطنية  والتي تضمنت محاورها أهدافا كثيرة يتطلب تحقيقها بناء قدرات كان من ضمنها طموحنا لتوفير بدائل آمنة للطاقة النفطية التي ستنفذ عاجلا أم آجلا . إن الاستعانة ببعض أعضاء ذلك الفريق بخبراتهم الوافرة في التخطيط للمشاريع ذات الحساسية  هو البديل الأفضل  لتحاشي ثغرة أمنية في مشروع استراتيجي بهذه الأهمية. كما أن وضعه تحت مظلة جهاز الأمن الوطني يسهل الكثير من الإجراءات الضرورية لنجاح المشروع.

ويبقى سؤال افتراضي:  ماذا لو بعث شخص اسمه عبد القادر خان  بسيرته الذاتية إلى شركة التوظيف التي بريدها gmail.com@ derasatdpt معلنا رغبته في العمل في  البرنامج النووي الخليجي، هل سيغير ذلك من براءتنا في عيون  دول العالم التي اجزم باختراقها لقاعدة بيانات شركة التوظيف منذ اليوم الأول لنشرها  الإعلان ؟

 

 

 

د.ظافر محمد العجمي –المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك