الطراح يكتب عن الخلاف السعودي السوري

زاوية الكتاب

كتب 473 مشاهدات 0


الهجوم السوري على قطب الاعتدال العربي تصاعد الخلاف بين السعودية قطب محور الاعتدال وسورية، وبشكل مفاجئ توجه اتهامات للدور السعودي في المنطقة العربية. المملكة العربية السعودية تعلن عن موقفها دون أي ملابسات، وهي دولة تدفع في اتجاه نهج الاعتدال والتروي في حل الصراعات، والسعودية لا تخفي اختلافها مع السياسة الأميركية، وخصوصا في ما يخص الحرب على العراق، فكان للمملكة وجهة نظرها، وثبت فعلا أنها كانت محقة في ما تنبأت به. السعودية كانت تنظر إلى أن سقوط العراق الدولة له انعكاساته على توازن القوة في الخليج، ولم تكن تبالي لسقوط صدام نفسه. السعودية سعت لحل الخلاف الفلسطيني في لقاء مكة المكرمة، وحرصت على توحيد الصف الفلسطيني، والسعودية أعلنت عن مبادرة السلام العربية في العام 2004 في لقاء بيروت، ولم تكن مناورة بقدر ما كانت نظرة واقعية لحل الصراع العربي - الإسرائيلي. أين يكمن الخلاف السعودي-السوري؟ في اعتقادنا أن المملكة تصنع قرارها بنفسها وفق معطيات الواقع المحلي والدولي وإذا ما توافق توجهها مع السياسة الأميركية في زاوية ما، فهذا لا يعني خضوعها للحليف الأميركي، فالمملكة اختلفت، ومازالت تختلف، مع توجهات الولايات المتحدة في بعض من القضايا. أما سورية فهي مازالت غامضة في مواقفها حيال كثير من القضايا العربية. سورية راغبة في عقد صفقة السلام مع إسرائيل، وليس لديها أي مشكلة في ذلك ولكن لكونها دخلت في تحالف مع إيران أصبحت غير قادرة على صنع قرارها بمفردها. إيران تستخدم الورقة السورية للضغط على واشنطن لتحقيق مكاسب إيرانية في ما يخص التسلح النووي من ناحية والاعتراف بها كبوابة للترتيبات الأمنية في الخليج. سورية لا ترغب في ترتيب البيت اللبناني خوفا على فقدانها أوراق الضغط، بينما السعودية تسعى لترتيب البيت اللبناني وفق المعطيات المحلية والعالمية، منطلقة من حقيقة الظروف العربية والخبرة التاريخية في إدارة الصراع مع إسرائيل الذي كلف الاقتصادات العربية وأنهك موازناتها المالية. كان من المفترض أن يدرك الأخوة في سورية أهمية دراسة التحالفات وفق الخبرة التاريخية وليس التغريد خارج السرب والسباحة عكس التيار، فزمن الردح العربي ولى دون رجعه ولم يعد مجديا أن نتجاهل إخفاقاتنا. الهجوم السوري على المملكة العربية السعودية لن يخدم الغرض العربي، وسيزيد من الخسائر العربية، وعلى القيادة السورية الشابة ان تعيد الحيوية للسياسة السورية، وأن تستفيد من حكمة حافظ الأسد رحمة الله عليه في إدارته للصراع عندما احتُلَت الكويت، وخصوصا أن من قاد التحالف الدولي كانت الولايات المتحدة الأميركية. فالحكمة مطلوبة، والواقعية مطلب ملح في إدارة الصراع وليس أمام سورية إلا مراجعة سياستها والإقدام على خطوات جريئة تعيد لسورية دورها لكي تنتبه لأوضاعها الداخلية وتعمل على تطوير اقتصادها المنهك. د.علي الطراح
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك