خالد الطراح: الحكومة مطالبة باستثمار ما قبل وبعد كورنا البكر فالفيروسات والأوبئة قد تعود كثيراً لكن فرص الاستفادة لا تتكرر مراراً
زاوية الكتابكتب خالد الطراح يونيو 28, 2020, 10:33 م 700 مشاهدات 0
بات مؤكداً أن ثمة رياحاً بدأت تشق طريقها نحو تغيير في طبيعة الحياة وأنماطها ككل في العالم، بعد شهور من التعايش البشري إجبارياً مع العدو المتخفي والمتغير، كورونا البكر.
فالالتزام بالتباعد الجسدي يفترض أن يتحول إلى ثقافة عامة، لتستفيد منه الدولة صحياً، إذا ما جرى تطبيق الإرشادات الوقائية في المرافق العامة ذات الازدحام الشديد كالمستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة، فهناك العديد من الأمراض كالإنفلونزا وأمراض أخرى، التي يمكن أن تنتقل بشكل سريع بين الناس بسبب المخالطة.. فهي أمراض تستنزف مضادات حيوية، من الممكن تخفيض نسبة الاعتماد عليها ورفع نسبة مناعة الجسم في المجتمع في آن واحد.
فثمة عادات وسلوكيات غير حميدة كالمخالطة في الأكل الجماعي أثناء ساعات العمل، فيما يمكن جداً أن يكون بين هؤلاء حالات مصابة بنزلات برد ممكن أن تنقل العدوى للأصحاء، بينما يمكن تفادي كل ذلك من خلال اتباع الإرشادات نفسها في حقبة #كورونا_البكر، وبالتالي يتعلم منها المجتمع وتستفيد منها المنظومة الصحية أيضاً والدولة.
هناك من المرضى سواء مواطنون أو مقيمون لديهم هوس المراجعة الطبية وتخزين الأدوية، وعدم استخدام نصفها والتخلص من الباقي، على رغم كلفتها المالية على الدولة!
أما على الجبهة الاستهلاكية، فيمكن اليوم أن تتبنى آلاف من الأسر نمطاً جديداً في الحياة ينحصر في تقنين الصرف وكبت جناح السلوك الاستهلاكي والسفر المكثف على مدار السنة، خصوصاً لدى الأسر غير المقتدرة مادياً، من أجل عدم اللجوء للاقتراض لمجرد الاستعراض المجتمعي بالسفر أسوة بالجيران والمعارف وأفراد من الأسرة من دون مراعاة الجانب المادي لكل أسرة.
اجتماعياً، تنبغي الاستفادة بأن تحافظ الأسر على ولادة أنماط التفاهم والتقارب في ما بين أفراد الأسرة وتحمل المسؤوليات، وهو ما يمكن أن يقلل من الاعتماد على العمالة المنزلية والمحافظة في الوقت ذاته على ألفة وعلاقة حميمتين لم تكن لهما مكان من قبل.. فكثير من العلاقات الزوجية تأثرت سلباً بسبب انشغال غير ضروري بين الأزواج وأفراد الأسرة.. انشغال في مناسبات اجتماعية، ليست أهم من التواصل الأسري.
أما السادة الرجال المولعون بالتردد على الدواوين يومياً وعلى عدد كبير منها ومن دون داعٍ، فمن الأفضل اليوم تقسيم الوقت بشكل إيجابي بين الأسرة والأصدقاء، ولعل هذا يقود إلى تقليص عدد الديوانيات وساعاتها أيضاً حتى يستفيد الجميع وليس فئة واحدة فقط.
هذا لا يعني أن المرأة ليست معنية، فنساء اليوم والفتيات خاصة لديهن شغف بالخروج من قهوة إلى أخرى ومطاعم أيضًا والتسوُّق شبه اليومي، وهي أنماط استهلاكية غير ضرورية مطلقاً.
لم يكن التعايش مع كورونا مبهجًا وقصيرًا، لكن ممكن أن تكون تجربة مفيدة إذا ما طورنا أنفسنا نحو الأفضل والتعلم من دروس الحظرين الجزئي والكلي، فلكل أزمة جوانب إيجابية وسلبية أيضاً، وعلى الفرد أن يغتنم الفرص التي يمكن أن تكون في مصلحته ومصلحة محيطيه الاجتماعي والمهني.
ما بعد كورونا البكر.. حياة جديدة بشكلها وممارساتها بانتظار هذا المجتمع الصغير، الذي لم ينتصر على ثقافات وعادات غير حميدة.. فرصة لهزيمة أنماط سلوكية مدمرة اجتماعياً.. حياة جديدة لكن تاريخاً واحداً للبشرية ممكن أن يجمعنا بعضنا مع بعض أو يفصلنا عن العالم تعلماً وفهماً وثقافةً.
الحكومة مطالبة باستثمار ما قبل وبعد #كورنا_البكر، فالفيروسات والأوبئة قد تعود كثيراً، لكن فرص الاستفادة لا تتكرر مراراً.
تعليقات