‫داهم القحطاني: الإصلاح السياسي يتطلب حزمة قوانين طال الحديث عنها من أهمها وجود نظام انتخابي يتم تشريعه من قبل مختصين بالنظم الانتخابية ومن شأنه تحقيق التوازن السياسي والاجتماعي‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 652 مشاهدات 0


نحن في حرب مفتوحة مع مجموعات من الفاسدين، الذين يريدون أكل لحم الكويت الحي استغلالاً لعقود من التهاون الحكومي والبرلماني وحتى الشعبي مع آفة الفساد.

أقول نحن في حرب، لأن الأمر تعدى كل الحدود، وأصبح يهدد وجود الكويت كدولة تحظى بالاحترام الدولي، فعمليات غسل الأموال، التي تزايد الحديث عنها مؤخراً، هي في حقيقتها حرب حقيقية ضد وجود الكويت كدولة وكشعب، فإذا ما نجح هؤلاء في السيطرة على النظام المصرفي، وجعلوه «بالوعة» تغسل الأموال القذرة، فحتماً ستواجه الكويت وضعاً جديداً قد تُصنف فيه كدولة راعية للإرهاب والفساد. 

محاربة الفساد تشبه علاج السرطان، الذي ينتشر في الجسد بصورة سريعة، فلا بد من استئصال أجزاء من الجسم أصبحت مصدراً للخلايا المريضة، ولا بد من علاج كيماوي مكثف، ومهما بدا البلد هزيلاً في مراحل العلاج، فذلك أفضل بكثير من أن يحظى بجسد مليء بخلايا سرطانية تُخفيها مساحيق تجميل لا تريد أن تكشف وجوهاً بعينها مراعاة لهؤلاء وهؤلاء وهؤلاء. 

«بالوعة» الفساد لا تحوي فقط عمليات غسل الأموال ونقل المليارات من الدنانير عبر الجريمة المنظمة، لكنها تضم أيضاً عمليات نتنة أخرى تتعلّق بالاتجار بالبشر والعبودية الحديثة، فالكويت هذا البلد الراقي، الذي بذل شعبه على مر القرون الغالي والنفيس من أجل خلق السمعة الحسنة، لا تستحق أن توصم وفي تقارير دولية معتبرة بأنها لا تقوم بما يكفي من اجراءات لمساءلة المتورطين في عمليات الاتجار بالبشر من مواطنين ومسؤولين كما ورد في تقرير الخارجية الاميركية، والذي مهدت له السفيرة الأميركية في الكويت بمقطع فيديو غير مسبوق تشير فيه وبدبلوماسية الى القصور الكويتي في هذا الشأن. 

من أين نبدأ؟ 

لا شك أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتم بمعزل عن الإصلاح السياسي الشامل، فمن دون ذلك سيكون الإصلاح مجرد شعار، وعبارات منمقة تستخدم في الخطابات العامة، وتعلق باقي أيام العام في جدران مخملية وثيرة.

الإصلاح السياسي يتطلب حزمة قوانين طال الحديث عنها، من أهمها وجود نظام انتخابي يتم تشريعه من قبل مختصين بالنظم الانتخابية، ومن شأنه تحقيق التوازن السياسي والاجتماعي، كي يشعر الجميع بأن لهم دوراً وأهمية، وألا تتكرر أخطاء النظم الانتخابية السابقة، التي تسببت في التأجيج المذهبي والقبلي والطائفي والمناطقي، وتسببت بعزل شرائح في المجتمع الكويتي طوال عقود.

هناك من يعلم يقيناً أن النظام الانتخابي الحالي أضر كثيراً بالكويت، ورغم حسن النوايا التي كانت وراء صدور هذا النظام من قبل البعض، إذ قيل انه سيقضي على التأجيج المذهبي والقبلي، لكنه وفي واقع الحال تحوّل إلى أن يكون عكس ذلك تماماً.

فهل تتخذ أولى حكومات الشيخ صباح الخالد الخطوة الأهم، التي تحتاجها الكويت، لإصلاح مساراتها المختلفة، أم ستنشغل حكومته وتغرق في القضايا الهامشية؟

تعليقات

اكتب تعليقك