فارس الوقيان يناشد رئيس الوزراء بارساء دولة القانون

زاوية الكتاب

كتب 462 مشاهدات 0


رسالة الى سمو رئيس الوزراء في الوقت الذي تتقاعس فيه مؤسسات المجتمع المدني عن القيام بواجبها كما ينبغي للمساهمة في عملية التنمية في الكويت، بل أصبحت مرتعا للباحثين عن شهرة إعلامية ومجد اجتماعي، وفي الوقت الذي تختزل فيه التكتلات السياسية عملها الوطني في تعيين أحد مناصريها في المنصب الوزاري، وأحد محازبيها في ذلك الموقع النقابي، وفي الوقت الذي تعجز فيه المؤسسة البرلمانية بما تملكه من أدوات دستورية وقانونية عن صياغة استراتيجية تنموية عميقة وصناعة وعي شعبي حر ومنهج ديموقراطي عملاق، وفي ظل التراجع الرهيب الذي نشهده في أوضاعنا بسبب تغليب المصالح الطبقية والفئوية والمذهبية على مصالح الوطن العليا، ما أدى بالنتيجة إلى دوران الحكومة والمجلس والشعب في حلقة مفرغة، نتوجه لكم يا سمو الرئيس بخطابنا هذا بحكم ما نعرفه فيكم من فكر حر متصالح مع عالم الحداثة الذي يسود عالم اليوم، وبحكم ما اتفق عليه من جميع الفرقاء السياسيين عن سياستكم الإصلاحية، لعل وعسى أن تجد كلماتنا هذه محلها من الاهتمام والإنصات، لاسيما أنكم بصدد دراسة وإعداد حزمة من القوانين والتشريعات المستقبلية للاسترسال في سياساتكم الإصلاحية التي تعالج كثيرا من مكامن التأخر و الاختلالات. بداية نقول لسموكم بأنه لا يمكن أن يتحقق أمن الدولة واستقرارها ما لم يتحقق أمن الإنسان واستقراره، فالاثنان صنوان متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، لذلك فإن الدولة المستقرة أمنيا وتنمويا هي الدولة التي تستثمر عقل وفكر الإنسان في بيئة نفسية وإنسانية راقية حتى تطلق يداه في الإنتاج والإبداع، ومن هذا المنطلق تنبع الضرورة إلى إجراء مصالحة وطنية مجتمعية تذوّب الفوارق والخلافات المناطقية والمذهبية والطبقية، وإلى إرساء دولة القانون التي تقوم على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ومبادئ حقوق الإنسان، ولعل أولى الخطوات الجوهرية، تكمن في إنصاف المواطنة الكويتية، وشريحة البدون، والعمالة، بتشريعات إنسانية شفافة تنسجم مع القوانين والأعراف الدولية التي تسود عالم اليوم. إنصاف الإنسان يا سمو الرئيس هو المفتاح العجيب، والوسيلة السحرية التي تفسر كل الطفرات التنموية والمكانة المتميزة، التي حظيت بها كثير من الدول البعيدة منها، أو المجاورة، فكم من دولة مغمورة حلقت في الفضاء الإقليمي والدولي، بسبب تشريعاتها الإنسانية المتسامحة، التي رفعت من شأن مواطنيها وأقلياتها، ومقيميها في حريتهم ومعيشتهم وأجورهم، واحترام آدميتهم! وكم دولة انحدرت أوضاعها وانطفأت شعلة الإنتاجية والإبداع فيها، حتى بات مواطنوها يتحسرون على ماضيهم، بسبب تغليب مصالحهم المالية والفئوية على حساب مصلحة المجتمع والدولة. يا سمو رئيس مجلس الوزراء، ان مناخ الديموقراطية والحريات في الكويت يقوم على التعددية في الآراء، واختلاف المذاهب والمدارس الفكرية، وهذا ما جبلت عليه الكويت منذ تأسيسها، إلا أنه لا يختلف اثنان على مصلحة الكويت، واستقرار المجتمع، فبإمكاننا أن نختلف حول ملفات إسقاط القروض وإشهار الأحزاب السياسية، والخصخصة والدوائر الانتخابية، ولكن لا يمكن الاختلاف على مفاهيم كونية معاصرة هي السر في تقدم ورفعة الأمم، كقيمة المواطنة، وفعالية مؤسسات المجتمع المدني، ونبل مبادئ حقوق الإنسان، فمن دون الركون اليها في قلب الدولة، ليس هناك تنمية ولا تطور واستقرار، كما أن أروع ما فيها عدم انطلاقها من بواعث عرقية عنصرية أو مذهبية، تمزق وحدة الصف المجتمعي، أو حتى طبقية ومناطقية مريضة، وغير ذلك أنها مبادئ عالمية تجسد أفضل ما وصلت إليه التجربة البشرية من دون تعارض مع تراث محلي وهوية وطنية أو ديننا الحنيف. نعرف ويعرف كثير يا سمو رئيس الوزراء عمق مشاعركم الإنسانية ومنطلقاتكم الديموقراطية في الحقل السياسي، لذا سترون كيف ستنعكس إيجابا حزمة القرارات الإنسانية على فكر وآراء الإنسان وعطائه للوطن، وكيف ستنعم الكويت بالرخاء والرفاهية والاستقرار بانخفاض معدلات الجريمة، والعنف، لأدنى مستوياتها، فالإنسان هو الركن الأساس للدولة، وهو أهم مفاتيح التنمية فيها، وفقكم الله لما فيه خير الوطن. د.فارس الوقيان
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك