د.علي المطيري: أول الأولويات هي تعديل التركيبة السكنية ومحاسبة كل من وقف وراء اختلالها والتعديل الذي ننادي به لا يجب أن يركن إلى ردة فعل بل ينبغي أن يكون وفق خطط مدروسة
زاوية الكتابلا شك أن عالم ومجتمعات ما قبل فيروس كورونا، سيختلف عما كان بعد زوال الوباء، وأرى - من وجهة نظر متواضعة - أن أول ما يتعين وضعه في المراتب الأولى هو قراءة أوراقنا مع انجلاء غيمة الوباء، ومراجعة نهجنا وأخذ الدروس والعبر، من منطلق مرتكزات علمية، وتجارب واقعية عايشناها خلال الأزمة، فلم يعد خيارنا الاستمرار على المنوال نفسه، بل حان وقت تغيير الأوضاع وتبديل الطباع، و الاعتماد على الذات في كل المجالات.
وأرى أن أول الأولويات هي تعديل التركيبة السكنية ومحاسبة كل من وقف وراء اختلالها، لدرجة كادت تهدد أمننا الصحي والمجتمعي والاقتصادي، والتعديل الذي ننادي به لا يجب أن يركن إلى ردة فعل، بل ينبغي أن يكون وفق خطط مدروسة، وعلينا وضع تعديلات تشريعية ملزمة بآليات محددة للفئات الوظيفية التي يحتاج إليها سوق العمل، وفق معايير واشتراطات تراعي توفير مساكن ملائمة، وتأمين صحي مناسب، بموازاة اتخاذ خطوات سريعة وصارمة نحو إبعاد - كخطوة أولى - المخالفين لنظام الإقامة ومحاسبة كفلائهم، وغلق الأبواب أمام تلاعب تجار الإقامات لإعادة الكرة من جديد، وإيقاف استخراج تأشيرات العمل باستثناء الفئات المحددة بقوانين تشريعية، لا سيما أن سوق العمل بات متشبعاً في معظم المجالات.
وفي سياق آخر، علينا المبادرة والعمل والدفع جاهدين على سن تعديلات تشريعية تربط الحرية بالمسؤولية وتنظم الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، التي بات كثير منها معول هدم، وآفة لضرب مكونات المجتمع، والتشكيك بالذمم، والطعن في الأعراض، والابتعاد عن المسؤولية المهنية والأخلاقية، وبث سموم العنصرية التي آن الآوان لتتوقف لا سيما عند الحديث عن تعديل التركيبة السكنية، فاليوم نرى أن تنظيم هذه الوسائل لا يقل أهمية عن تعديل التركيبة السكنية، لا سيما أن هذه الأداة باتت وسائل لبث الأكاذيب والفتن وزعزعة الاستقرار والنيل من السمعة والتشهير وكيل الاتهامات من دون دليل.
وفي ظل الظروف التي نعيشها والإجراءات لمواجهة انتشار فيروس كورونا - التي ننصح فيها بعدم الخروج من المنزل إلا عند الضرورة، لا سيما بعد قرار حظر التجول - نرى أن علينا استغلال هذه الفترة، وبدء مرحلة التغيير، فالتغيير لا ينبغي أن يكون قصراً على تعديل التركيبة السكانية أو تنظيم وسائل التواصل، بل علينا البدء في تعديل طباعنا والتفكير بكيفية استغلال وقت الفراغ، والاستفادة منه في أعمال تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، إذ دائماً ما يبدأ التغيير الكبير في المجتمعات، من تغيير ثقافة الفرد وزيادة وعيه.
ودعوتنا قبل الختام أن نجعل هذه الفترة فرصة لنبذ السلبيات، والتخلي عن السلوكيات والعادات الضارة، واستبدالها بما يعود علينا وعلى مجتمعنا بتحقيق أهدافنا التي نصبو إليها، وفي هذا الشأن علينا عدم التقليل من أهمية تعديل بعض السلوكيات فيما يخص على سبيل المثال استغلال وقت الفراغ، عبر تعلم عمل مفيد أو تطوير مهارة أو هواية أو ممارسة الرياضة أو تعديل النظام الغذائي بتناول الأكل الصحي، إذ لهذه التغييرات في ثقافة الفرد - رغم بساطتها - أثرها البالغ في تغيير أنماط حياتنا، فمن تغيير ثقافة الفرد يبدأ تحوّل المجتمعات نحو تحقيق نهضتها في مختلف مناحي الحياة.
وفي الختام نتقدم - بمناسبة عيد الفطر - بأسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وسمو ولي عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وسمو رئيس مجلس الوزراء وللشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية.
تعليقات