‫عبدالعزيز الكندري: أننا بحاجة ماسة إلى إصلاح اقتصادي وسياسي شامل خصوصاً بعد جائحة «كورونا» وإقرار الأحزاب السياسية والنظر إلى تجارب الدول الناجحة في هذا المجال وليس الدول التي أفشلت التجارب السياسية‬

زاوية الكتاب

كتب 831 مشاهدات 0


قبل جائحة «كورونا» كان التحلطم موجوداً في العمل والدواوين وسوالف «جاي الضحى»، ولكن بعد الجلوس في المنزل - بسبب الحظر - أصبح أكثر وضوحاً بسبب هذا التوجه الكبير من الناس - الصغير والكبير - على وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح التحلطم ثقافة كويتية بامتياز، وعلى كل شيء تقريباً، من دون أي تأكد للمعلومة من مصدرها الأساسي.
الحديث في الشأن العام أو السياسي من قبل أعضاء مجلس الأمة والناشطين السياسيين والكتل السياسية أمر أظنه طبيعياً، ولكن غير الطبيعي هو أن ينشغل الجميع بهذا التحلطم مع التفريط في أبسط المهام الموكلة إليهم، يفرطون في أعمالهم ويتحلطمون على أداء الحكومة!
ومعالي الوزير يتحلطم من الضغوط النيابية التي تمارس عليه، وحجم المعوقات التي تواجهه، والنائب في المجلس يتحلطم على أداء الوزير، والمسؤول في الحكومة يمارس هذا الدور تجاه موظفيه، والموظفون يتحلطمون على الحكومة ويريدون الكوادر وزيادة الرواتب والمكتسبات المالية، وفي الوقت نفسه يفكرون في كيفية التخلص من البصمة في الدخول والخروج، وإيجاد الطبيات الوهمية للتهرب من العمل!
والتحلطم هو في الحقيقة كثرة الشكوى من دون النظر إلى هذه المشاكل، وما هي إلا تحديات يواجهها الإنسان في حياته، ومن دونها لا يستطيع أن ينمو بطريقة سليمة، فأثر الشكوى على النفس جداً كبير، ويؤثر عليها بسلبية كبيرة ويستنزف المناعة لدى الإنسان.
والتحلطم... تبرير للنفس وإيجاد الحلول الوهمية، الطالب يعزو عدم نجاحه إلى سوء المدرس وطريقة تدريسه وصعوبة المناهج، وفِي العمل يتهم الموظف المدير بأنه لا يتفهم وجهة نظره، وهو في الحقيقة متشائم وفاقد للأمل.
كيف نخرج من هذه المشكلة؟
أظن أننا بحاجة ماسة إلى إصلاح اقتصادي وسياسي شامل - خصوصاً بعد جائحة «كورونا» - وإقرار الأحزاب السياسية والنظر إلى تجارب الدول الناجحة في هذا المجال وليس الدول التي أفشلت التجارب السياسية، وبالمناسبة قبل أيام شاهدت دكتورة فاضلة تضع صورة ذئب مفترس وكتبت بجانبها تحذيرا من الأحزاب، وأن الدول التي تقر الأحزاب ستفشل.
غريب جداً هذا الخلط، الخصخصة والعمل الحزبي ما هما إلا وسيلتان إذا استخدمتا بطريقة سليمة تمت الاستفادة منهما، وإذا اسيء استخدامهما أديا إلى الفشل والأمثلة للنجاح والفشل كثيرة وعديدة، سواء من الجانب السياسي أو الاقتصادي، مثل شركة للاتصالات المتنقلة كيف كانت، وبعد الخصخصة أصبحت «زين» والفرق جداً كبير في الأرباح والخدمة والقيمة السوقية.
ولنقضِ على التحلطم بالعمل الجاد، وكل شخص يقوم بالمهمة الموكلة إليه، ويقول الدكتور محمد الغزالي: «في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل، وتختمر جراثيم التلاشي والفناء، وإذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى، وإذا كانت دنيانا هذه غراساً لحياة أكبر تعقبها، فإن الفارغين أحرى الناس أن يحشروا مفلسين لا حصاد لهم إلا البوار والخسران».

تعليقات

اكتب تعليقك