غانم النجار: هناك إشكالية في موضوع الحظر الكلي من الضرورة الانتباه إليها لكي لا تأتي النتائج عكسية وتتلخص في طبيعة الديموغرافيا في الكويت والتركيبة السكانية
زاوية الكتابكتب غانم النجار مارس 31, 2020, 10:28 م 698 مشاهدات 0
أصل كلمة حظر التجول أو curfew فرنسيٌّ، ويعني "تغطية النار"؛ فكان أن أصدر ملك إنكلترا ويليام الفاتح المتوفى في ١٠٨٧، قانوناً يلزم الجميع بإطفاء النار الساعة ٨ مساء، لمنع اشتعالها في البيوت الخشبية. وبالتدريج تحول المصطلح إلى مضمونه السياسي والقانوني المعروف حالياً، حيث تتخذه الحكومة عادة لإلزام القاطنين في حدودها بالبقاء في بيوتهم فترة معينة، لأغراض أمنية، أو كارثية، أو ضمن أحكام عرفية أو استثنائية كحدوث انقلاب، أو غزو، أو حرب أهلية. أما الحالة التي يواجهها العالم حالياً بحظر التجول لأسباب صحية فهي نادرة الحدوث. وقد اعتادت المجتمعات عند حدوث أزمات تستدعي حظر التجول إبداء التخوف من إعطاء السلطة صلاحيات كبيرة تؤثر سلبياً على الحريات، بما في ذلك التنقل وحرية التعبير، مما يقوي السلطة المطلقة.
الإجراءات الحكومية عندنا في مواجهة الوباء، حتى الآن اتسمت بالفعالية والجرأة والتدرج، وحازت دعماً شعبياً ملحوظاً، كان آخرُها تدرُّجاً فرض حظر تجول جزئي من الساعة الخامسة مساء حتى الرابعة فجراً، والذي يبدو أنه نجح استناداً إلى بيانات وزارة الداخلية، فعدد المخالفين قليل جداً.
إلا أن المسؤولية الملقاة على جهات الاختصاص، وفي مقدمتها وزارة الصحة، تحتم عليها اتخاذ كل الإجراءات استناداً إلى اعتبار واحد لا غيره، وهو الحفاظ على صحة وأرواح الناس، مواطنين كانوا أو مقيمين، سواء أكان ذلك الإجراء هو الإبقاء على الحظر الجزئي أو تمديده أو تحويله إلى حظر كلي.
لكنّ هناك إشكالية في موضوع الحظر الكلي من الضرورة الانتباه إليها، لكي لا تأتي النتائج عكسية، وتتلخص في طبيعة الديموغرافيا في الكويت والتركيبة السكانية. وإن كان هناك حاجة إلى مراجعة التركيبة السكانية، فلا يمكن معالجتها في هذه الأزمة، التي ضربت بلاد المصدر وبلاد المنتهى، ففي حالة فرض الحظر الكلي، وهي ليست مرفوضة لذاتها، لابد من التركيز على وجود تجمعات كتل سكانية كبيرة في بعض المناطق، والكثير منهم يعاني فقدان وظيفته بسبب الأزمة، وعدم وجود مصدر دخل له، وعدم قدرة على دفع الإيجار، بالإضافة إلى تكدس كبير في محيط صغير، وإغلاق الدول منافذها لاستقبال العائدين، مما سيؤدي إلى أن تتحمل الدولة المسؤولية عن توفير الغذاء والدواء، والرعاية العامة، حمايةً للواقع الاجتماعي، وتأكيداً للبعد الإنساني، وحفاظاً على الاستقرار، فإن لم يكن هناك إمكانية من توفير الغطاء المعيشي والصحي لكل القاطنين على هذه الأرض، فبالإمكان الانتقال التدريجي إلى الحظر المناطقي، بناء على دراسة ومبررات تقدمها الجهات الصحية الفنية، مدروسة وليست ردود أفعال وافتراضات. عدا ذلك، فإن الأمر قد يؤدي إلى انهيار معطيات كثيرة، بما في ذلك الاستقرار والنظام الصحي وانتشار فيروس كورونا.
تعليقات