داهم القحطاني: لم يعد هناك مزاج شعبي لمجاملة رئيس الوزراء ولا الوزراء فتولي الوزارة لم يعد نزهة ووناسة وسلطة مطلقة
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني ديسمبر 15, 2019, 9:58 م 557 مشاهدات 0
أولى حكومات الشيخ صباح الخالد ستكون واحدة من أكثر الحكومات التي ستواجه المصاعب منذ لحظة تشكيلها لأسباب عدة من أهمها عدم ثقة معظم الكويتيين في قدرة الحكومات المتعاقبة على مكافحة الفساد، خصوصا بعد أن أصبحت اتهامات الفساد توجه للحكومة من الحكومة نفسها وببلاغات رسمية كما حصل مؤخرًا.
لم يعد هناك مزاج شعبي لمجاملة رئيس الوزراء ولا الوزراء، فتولي الوزارة في الكويت لم يعد نزهة، و«وناسة»، وسلطة مطلقة، وتمتع بأضواء الشهرة، فالأمر أصبح يتعلق بحياة المواطنين بشكل مباشر، والناس لن تصبر طويلا على وزير متساهل أو فاسد أو غير كفء.
وظيفة الوزير ستعود تحت ضغط الأمر الواقع إلى إطارها الطبيعي، فالوزير يفترض أن يكون رجل سياسة لديه قدرات متميزة في الإدارة العامة، ويفترض أن يكون رجل دولة مطلع على القضايا المهمة بقدر مناسب يكفيه لتولي المناصب العامة، وعليه كذلك أن يدير الوزارة بما يجعلها قادرة على الالتزام بالخطة الخمسية، وبالخطة السنوية، وأن يستطيع هذا الوزير إضافة إلى حسن تسيير أعمال الوزارة، وضع خطط لتطوير الأداء بما يجعل المؤسسات والهيئات العامة قادرة على التعامل مع مستقبل يتغير بشكل سريع ومذهل.
القوى التقليدية المؤثرة في تشكيل الحكومات الكويتية تبحث كل الخيارات المتاحة لدفع الشيخ صباح الخالد إلى عدم تشكيل الحكومة بطريقة مغايرة لما جرى عليه العرف طوال العقود الستة الأخيرة.
فهناك مراكز قوى ترسخت في الكويت بسبب أمور عدة من ضمنها أن يكون لها حصة في تشكيل كل حكومة، وأي تغيير في طريقة التشكيل الحكومي ستحدث هزة كبيرة يعتبرها هؤلاء قفزة إلى المجهول.
تشكيل الحكومات في الأنظمة الديموقراطية هو المرحلة الأهم في كل عملية سياسية، وكل الصراعات الانتخابية المرة تتم في الدول الديموقراطية من أجل الفوز بحق تشكيل الحكومة.
أما في الكويت فالمواطنون بعيدون كل البعد عن ذلك، ولا يوجد أي نشاط مدني يحاول تشكيل ضغط ما على طريقة تشكيل الحكومة.
في حين يغيب دور ما تبقى من التيارات السياسية، فهي إما تيارات انتهازية تدعم الحكومة على طول الخط لكي تحظى بالعطايا والمزايات والتعيينات الباراشوتية أو تيارات براغماتية يتلاعب سياسيوها بالكلمات والعبارات لكي يظهروا أنهم من المدافعين عن الحقوق الشعبية، في حين يقومون في واقع الحال بالتغاضي عن تنامي الفساد طالما أن العطايا والمزايا لم تنقطع عنهم.
أو تيارات سياسية لا تعرف في العمل السياسي غير المعارضة بالصوت العالي من دون وجود خطط محددة، ووجود عمل ميداني حقيقي لا يقصي أحدا.
المعضلة الأخرى التي تواجهها أولى حكومات الشيخ صباح الخالد أنها حكومة تتطلب التجانس السريع والعمل بشكل تضامني وإعداد خطة عمل متفق عليها بدلا من العمل بارتجالية والذي كان احد سمات الحكومات المتعاقبة، وهي السمة التي جعلت الأداء الوزاري يتم وكأن حالة تصريف العاجل من الأمور تستمر طوال الوقت.
مطلوب أن يكون هناك دور للمجتمع المدني في تشكيل الحكومة الكويتية، وأن تتكون حركة ضاغطة تجعل من تشكيل الحكومة أمرا يخضع لمعايير محددة ليس من ضمنها على الإطلاق سياسة المحاصصة.
وبذلك تستطيع القوى الشعبية أن تدفع رئيس الوزراء إلى الإتيان بحكومة قادرة على العمل بصورة متقننة، لتخرج الكويت من حالة الشلل السياسي التي أصبحت تعيق كثيرا من الأهداف المعلنة فيما يتعلق بتطوير العمل المؤسسي وبالتنمية الشاملة.
تعليقات