غانم النجار : المتهمين بالفساد يصبحون هم المسؤولين عن مكافحته

زاوية الكتاب

كتب غانم النجار 796 مشاهدات 0


تختلف الدول في فعالية إجراءاتها بعد اكتشافها واقعة الفساد، وقدرتها على تحييد ثقافة الفساد، وتحويل الفعل الفاسد إلى أمر مستنكر غير مقبول. فإن ظلت مكافحة الفساد لا تعدو عن كونها جزءاً من شكل ظاهري للمجتمع، التقى والورع، والإخلاص، والالتزام، دون القيام بأفعال حقيقية فإن الفساد سيستشري، ويتضاعف ويصبح الحديث عن مكافحته مجرد أحاديث فارغة، بل إن المتهمين بالفساد يصبحون هم المسؤولين عن مكافحته، بمنطق أن الفساد له فائدة ذاتية، وهي ما يحققه المسؤول من مكاسب مباشرة، وفائدة موضوعية، باستخدام الفساد كأداة من أدوات الحكم والسيطرة.

لدينا بالطبع جملة قضايا فساد مشهورة، لابد من البدء بها، فيتندر بها الناس، كأدلة على عدم جدية الحكومة وأجهزتها في مكافحة الفساد، وهي ربما قد تختصر طريقاً وعراً، فإن كانت هناك معركة جادة فهي تبدأ باستعادة ثقة الناس بأن هناك جدية، وتتم ترجمة تلك الجدية عن طريق الأفعال المبنية على نتائج. 

كانت قضايا التأمينات والتحويلات والإيداعات مثلاً، بكل ما حملته من تقويض لأركان الحكم الرشيد، فرصة سانحة، لاستعادة شيء من ثقة شعبية مفقودة، إلا أن ما حدث كان العكس، عقاباً شديداً للمطالبين بالإصلاح، وغض النظر، وربما مكافأة من حامت حولهم الشبهات. 

بالنسبة لنا تأتي الفرص وتروح، بالفساد الظاهر في أماكن أخرى، فمنذ فترة كانت فضيحة "أونا أويل" في موناكو المتخصصة في تخليص العقود النفطية عن طريق الرشا، الأسماء الواردة كانت كبيرة. تلا ذلك "أوراق بنما"، عبر اختراق مكتب المحاماة البنمي "موساك فونيسكا". وكانت الحصيلة عبارة عن 11.5 مليون وثيقة، أو 2.6 تيرابايت بلغة الكومبيوتر. وبالتالي باشرت 100 صحيفة في العالم التحقيق في 215 ألف شركة من 200 دولة ومنطقة، للفترة من 1977 حتى ديسمبر 2015. فظهرت أسماء 140 شخصية سياسية بارزة، منهم 12 رئيس حكومة حالياً أو سابقاً، إضافة إلى فيفا ولاعبين مشهورين، كان من ضمنها شخصية كويتية نافذة، أطلق عليها لقب "الجبنة الكبيرة"، ولا أظن أنه تم فتح ذلك الملف. وبعد ذلك ظهرت على السطح فضيحة شركة سيمنز ودفعها رشا في الكويت، ولا أدري إن كان قد تم فتح الملف كويتياً، وأخيراً صدر حكم على شركة إريكسون للاتصالات في نيويورك بدفع غرامات مالية تصل إلى 1.2 مليار دولار، بسبب تزويرها مستندات ودفعها رشا في جيبوتي والصين وفيتنام وإندونيسيا والكويت، خلال الفترة الممتدة من ٢٠٠٠ إلى ٢٠١٦، ولا أدري إن كانت هناك نية لمتابعة الموضوع كويتياً. كل هذه كانت فرصاً سانحة متكررة لمكافحي الفساد في الكويت، لا يبدو أنها قد دخلت في دائرة الاهتمام.

تعليقات

اكتب تعليقك