لمن سيصوت الخليجيون في الانتخابات الإيرانية غدا؟

عربي و دولي

1833 مشاهدات 0


  لا أدري لماذا اشعر بالقلق عندما أتصور فشل الرئيس الإيراني  محمود احمدي نجاد في الانتخابات الإيرانية التي ستجري يوم غد الجمعة 12 من يونيو 2009م رغم انه قد تم وصمه بالمحافظ ،والمتشدد،والأصولي،والمغامر بل وحتى بالفاسد كما جاء على لسان المرشح  كروبي في المناظرة التلفزيونية بينهم .

لقد جاءت القناعة في ضرورة نجاح نجاد بعد التطبيق القاسي لمقولة الضد يعرف من ضده.فبعد استنطاق الإشارات الغزيرة الواردة من القنوات الفضائية ومن الصحف بل ومن محركات بحث الانترنت وجدنا إن مجلس صيانة الدستور في الجارة العزيزة جمهورية إيران الإسلامية  قد صادق على أربعة ترشيحات للانتخابات الرئاسية المقررة في 12 يونيو وضمت الرئيس محمود احمدي نجاد و الشيخ مهدي كروبي ،و مير حسين موسوي و محسن رضائي . وكمراقبين لأمن الخليج العربي  كان لابد من أن نمرر المرشحين الأربعة  من خلال القضايا الخلافية بين ضفتي الخليج، والتي تشمل الجزر الإماراتية المحتلة،والمفاعل النووي والبحرين وتسمية الخليج بالفارسي والجرف القاري وحقل الدرة ولجنته التي شكلت منذ 8 سنوات وتوقفت منذ 4 سنوات  دون أي تقدم يذكر ،مع استبعاد  مقصود من قبلنا  لقضايا مايسمى بخلافات إيران مع دول الاعتدال العربي .

ولابد أولا أن نشير إلى أن العلاقات الخليجيةالإيرانية علاقات تاريخية متميزة على المستوى الشعبي أكثر منها على المستوى الرسمي، فللجالية الإيرانية المقيمة  والعاملة في الخليج العربي  تاريخ طويل  لايمكن  تجاوزه بدون الإشادة به،  فقد كانت  ولا تزال الجالبة الإيرانية جزء من قوى العمل التي ساعدت في برامج التنمية الخليجية،وعاشت بسلام الى جانب أهل الخليج.

لقد شاهدت قبل ساعات  مقابلة تلفزيونية لمرشح الرئاسة الإيرانية الشيخ مهدي كروبي، وقد كانت محاور اللقاء التي بثتها (قناة العربية )تضم أسئلة لاستشراف عقلية هذا الرجل حيال ما يشغل الخليجيين بصورة عامة ،وقد سارت الأمور على مايتمنى مواطن خليجي على الضفة الأخرى ، لكن مرشحنا أخذ فجأة بكيل الشكر بشكل مبالغ فيه لمذيع العربية على سؤال  عن موقفه من  قضية تسمية الخليج بالفارسي أو بالعربي !        وقد عرى كروبي نفسه من خلال تشدده في قضية تسمية الخليج بالفارسي، في الوقت الذي كان قد قال فيه قبل وقت قصير أن القوميات غير الفارسية تشكل أغلبية السكان في إيران،حيث تعهد بإنصافها في حالة انتخابه رئيسا للجمهورية، بل انه قال آنذاك أنه سيختار أعضاء حكومته المقبلة من بين أبناء القوميات الفارسية والعربية والكردية والأذربيجانية والكردية والبلوشية وأتباع المذهبين الشيعي والسني دون استثناء،لكن رئيس مجلس الشورى،و أمين عام حزب الثقه الوطنيه  'اعتماد ملي'  والشيخ المعمم الموصوف بالإصلاحي  يعرف ماهو للاستهلاك الداخلي وماهو للتصدير الإقليمي وقد ساءتنا بضاعته.

إن مما يؤسف له أن تقودنا محركات البحث عن  كروبي إلى حقيقة واحدة وهي مناهضة هذا الرجل الإصلاحي للبعد العربي في هويتنا. وهنا نسترجع لقطات من المناظرة بينه وبين الرئيس نجاد حين  أشار كروبي لصورة  لنجاد و هو جالس تحت خريطة كتب  تحتها  الخليج العربي قائلاً:  هل هذا هو انتصارك في السياسة الخارجية؟ بل و اعتراضه أيضا على مشاركة احمدي نجاد في القمة الخليجية في الدوحة برمتها .   فكيف سيعزز في حال فوزه في الانتخابات العلاقات الإيرانية الخليجية ؟ بل أنه قد مسنا في خصوصيتنا الخليجية من دون العرب الآخرين حين شدد كروبي  في المناظرة بأنه مطلع على أوضاع البلاد ((وأنه لم يأت من الصحراء)) !    لقد قررت كخليجي أن لا أصوت للشيخ مهدي كروبي.

المرشح الثاني هو محسن رضائي وهو محافظ ورئيس سابق للحرس الثوري، ولايستطيع رضائي أن يحتقر صحراويتنا  فقد كان راعي أغنام وابن راع أغنام ، لكن اللواء محسن رضائي أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام  يعاني من مشكلتين ، كل منهما على حدة اكبر من مشكلة كروبي تجاهنا . لقد قيل إن أسوأ أعداءك هم أبناء جلدتك عندما يقلبون لك ظهر المجن، حيث ينحدر محسن رضائي من أصول عربية ، فقد ولد في إحدى القرى التابعة لمدينة مسجد سليمان في الاحواز  من أب فقير كان يعمل راعيا للغنم وكان محسن يساعده في هذه المهنة حتى يكسب قوت يومه . وقد استفزت محسن رضائي عبارة (الخليج العربي) التي يستخدمها تلفزيون (المنار) التابع لحزب الله اللبناني و حليفهم الوفي بدلا من عبارة (الخليج الفارسي) ، حيث وصف موقع (الانعكاس) الذي يشرف عليه محسن رضائي، التصرف اللبناني بأنه يدعو للحيرة والاستغراب.  فهل من حقنا الآن أن نقول إن أسوأ الإيرانيين هم الإيرانيون العرب ؟  ففي هذا السياق يكفي أن نتذكر علي شمخاني وزير الدفاع الإيراني وقائد القوات البحرية سابقا، الذي  كان له دور بارز في القضاء على الحركات العربية المعارضة للثورة الإسلامية سنة 1979م، وهو العربي المولود في الأهواز ،والذي عاقبه الاحوازيون أثناء ترشحه وصوتوا ضد تنكره لجلده.

أما مشكلة اللواء محسن رضائي الأخرى فهي في خوذته التي لم ينزعها منذ أن كان قائدا لقوات النخبة المسماة حرس الثورة الإسلامية الإيرانية،حيث ذكرت المصادر أن اللواء محسن  لا يزال يحتفظ بروحه العسكرية وتقاليده العسكرية،بل اصطحب معه مدير مكتبه العسكري ليكون مدير مكتبه الحالي في مجمع تشخيص مصلحة النظام، وكذلك ضباط الركن في هيئة عملياته والذين شهدوا معه الحرب العراقية – الإيرانية. لكن اشد ما يقلقنا هو أطروحاته العسكرية الماوية- القذافية فقد قيل إن الزعيم الصيني اقترح على العرب السير نحو إسرائيل في موجات بشرية حتى تحرير فلسطين،وأعاد نفس العقيدة العسكرية الزعيم الليبي معمر القذافي حيث لام العرب على عدم تنفيذها.أما اللواء محسن رضائي فقد القى بميزان التفوق الإسرائيلي النوعي جانبا 'وطلب من سوريا  منفردة أن تحشد قواتها على هضبة الجولان،حيث لن يبقى لدى إسرائيل - كما قال -من خيار سوى الانسحاب من قطاع غزة ووقف الاجتياح،وهذا الأمر سيتحقق في اقل من 48 ساعة'. هذه الروح العسكرية التي لا تقيم وزنا للمستوى الاستراتيجي أثناء التنفيذ على المستوى التكتيكي هي من أسوأ  الأعداء والجيران والأصدقاء.لهذا لن أصوت لمن قد لايتردد في مهاجمتنا بسبب كلمة الخليج العربي بدل الفارسي على مغلف بريد أو صدر جريدة،كما لن أصوت لمن قد يهاجم إسرائيل دون  حساب للآثار المدمرة على المنطقة، كما لن أصوت لمن تنكر لعصى غنمه في تلال مسجد سليمان الاحوازية من اجل البحث عن تاج كسرى.

إن تصويتنا للمرشح نجاد  لايعني انه سيعلن رئيسا لإيران من الدور الأول وبالتالي فان الدور الثاني سيكون أمرا محتملا  بينه وبين  المرشح مير حسين موسوي رئيس الوزراء السابق والمحافظ المدعوم من الإصلاحيين، ولعل من الموضوعية أن نذكر أن موسوي يحمل قدرا أقل من التحامل على القومية العربية مقارنة بمن سبق من المرشحين فقد  توجه ميرحسين موسوي إلى  الأحواز  والتقى  كما تقول الأنباء بكبار شيوخ القبائل العربية  مقدما بعض العروض الانتخابية لهم .

لكن اشد ما يخيفنا من موسوي هو أنه قد تقمص مع زوجته زهرة دور براك وميشيل أوباما،فهي  تطوف معه في المدن وداخل الأزقة الصغيرة خلال حملته الانتخابية بأسلوب أمريكي ، وفي حركة ذكية التقطت زهرة موسوي ماتفوه به نجاد حيال التشكيك في  شهادة الدكتوراه التي تحملها،وراحت تذكر الإيرانيين ببراك أوباما وزوجته ميشيل ، لتحيي في نفوس الإيرانيين حب قديم لأسلوب الحياة الأميركية،وهي كمن يقول إننا امة عظيمة مثل أمريكا فلما لانجعل انتخاباتنا مثل الانتخابات الأميركية، ولما  لا نغير الحياة السياسية برئيس جديد خارج السياق السابق كما فعل الأمريكان.

إن وصول موسوي الذي سبق وقال (إن سياستنا الخارجية متطرفة) يعني قبول العرض الأميركي الذي طال بقاءه عل الطاولة ، وفيه رجوع للوفاق الايراني الأميركي بشرط التغاضي عن الطموح الإسرائيلية في الشرق الأوسط نظير التغاضي عن الطموح الإيراني في الخليج العربي بما يعنيه ذلك من هيمنة ومشروع نووي. لذا سوف أصوت للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

د.ظافر محمد العجمي – المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك