#جريدة_الآن د. حمد الأنصاري: جشع التجار يهدد أمننا الغذائي... ولم يعد لنا كمواطنين غير أن نخليها تخيس!
زاوية الكتابكتب حمد الأنصاري أغسطس 12, 2019, 11:05 م 772 مشاهدات 0
الراي
بدأت في الأسبوع الماضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي حملة شعبية لمقاطعة شراء الأسماك بعنوان خلّوها تخيس، هذه الحملة جاءت بعد الارتفاع غير المبرر لأسعار الأسماك وخصوصاً «الميد»، فمع دخول موسم صيد الميد بدأت أسعار هذه السمكة الصغيرة بالارتفاع المنفلت حتى وصل سعر السلة منها لما يزيد على الثمانين ديناراً كويتياً، ووصل سعر الكيلو إلى ثلاثة دنانير... وهو سعر مبالغ فيه عندما نقارنه بالأعوام الماضية عندما كان سعر الكيلو يتراوح بين الربع والنصف دينار!
مشكلة ارتفاع أسعار الأسماك لا تقتصر على الميد ولا على هذا الموسم فقط، فأسعار جميع الأسماك بلا استثناء في ارتفاع مستمر منذ سنوات عدة، والعذر «القبيح» هو قلة وشح الأسماك ومنع الصيد في جون الكويت، رغم أن الكويت تطل على الخليج العربي بشريط ساحلي يزيد طوله على 300 كيلومتر - من دون حساب الشريط الساحلي للجزر - ورغم أننا دولة اعتمدت على البحر كمصدر رزق أساسي قبل اكتشاف البترول!
في اعتقادي المشكلة ليست شح الأسماك أو منع الصيد داخل الجون، فالبحر يزخر بالخيرات، والارتفاع ليس مقصوراً على الأسماك المحلية بل على الأسماك (المحلية والمستوردة)، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في انعدام الرقابة الحكومية على الأسواق، إضافة لجشع التجار ومحتكري رخص الصيد، فرخصة صيد الأسماك محتكرة لدى مجموعة معينة، ولا يسمح بإصدار رخص جديدة لمن يود أن يمارس صيد الأسماك كمهنة! أما أصحاب الرخص القديمة فأغلبهم يؤجرون هذه الرخص على الوافدين بالباطن، ومن يريد أن يعمل في هذا المجال فعليه أن يشتري هذه الرخصة من السوق السوداء الذي رفع سعر رخصة الصيد حتى وصلت لما يزيد على العشرين ألف دينار كويتي للرخصة!
أعلم بأن هناك العديد من الأسباب الأخرى التي قد تؤدي لما يحدث اليوم من ارتفاع لأسعار الأسماك، ولكن الواقع أن جميع تلك الأسباب تصب في النهاية في مكان واحد وهو الفشل الحكومي! فعندما نتحدث مثلاً عن شح الأسماك، فعلينا أن نفهم أسباب ذلك الشح، فالتلوث والصيد الجائر وغيرها من الأمور هي السبب وراء قلة الأسماك، وهذه الأسباب كان من المفترض معالجتها من الحكومة المسؤولة عن الثروات الطبيعية للبلد، فالمادة (21) من الدستور تقول: الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك للدولة تقوم على حفظها وحسن استغلالها بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني، لكن الواقع أن لا حياة لمن تنادي، فهذه الحكومة التي فشلت في أبسط المهام كمراقبة السوق ومنع الزيادة المفرطة للأسعار، لا تملك أن تحافظ على البيئة والموارد الطبيعية.
نهاية... الموضوع بكامله مرتبط بشكل مباشر بالفشل الحكومي، إضافة للفشل النيابي في حماية المستهلك من تغوّل التجار، وهذا الأمر لا يقتصر على سوق السمك، بل هو ممتد لجميع الأسواق وجميع المرافق والمؤسسات، فالحلول موجودة وسهلة ويمكن تطبيقها، لكن الحكومة والبرلمان لا يريدان ذلك كونهما شريكين في ذلك الفساد وسوء الإدارة وتدني الكفاءة وعدم الاهتمام بقضايا الناس، ولعل أبسط الحلول هي منع احتكار رخص الصيد وتسهيل استخراجها للمواطن، والرقابة الجدية على الأسـعار، فجشع التجار بات يهدد أمننا الغذائي... ولم يعد لنا كمواطنين غير أن نخليها تخيس!
تعليقات