في ظل وجود حليف إيراني تتحكم استخباراته بالنظام العراقي، والتصدع الطائفي والطبقي الذي نعانيه..نبيل العوضي يري أن المشهد اليوم يختلف كثيرا عنه عام 90
زاوية الكتابكتب يونيو 4, 2009, منتصف الليل 1037 مشاهدات 0
كلمة صراحة
نبيل العوضي
الخطر (العراقي).. المشهد يختلف
ها هو الزمان يعود مرة أخرى وتعود معه أجواء سنة 1990 عندما كان العراق يهدد الكويت ويتهمها بالاستيلاء على نفطه وأراضيه، مع بعض الفروقات عن ذلك الزمان، حيث كان الاعلام في ذلك الزمان غير مفتوح مثل اليوم ولم يكن اكثر الناس يعرف حقيقة الامر، بل كان الاعلام المخادع هو الغالب والمسيطر، وكانت الحشود العسكرية العراقية تجتمع وتتوجه الى حدودنا ومع هذا كان الاعلام يحاول التغطية والتهدئة ظنا منه ان بهذا الامر سيخفف من حدة التوتر التي كانت قائمة!
ومن الفروقات الاخرى عدم استعداد الحكومة في ذلك الزمان باجهزتها الدفاعية المختلفة ولم يكن باستطاعتها الاستعداد السريع للتصعيد العراقي المباغت، اما الآن وبعد 19 عاما من ذلك الوقت يفترض ان تكون الحكومة قد استعدت لأسوأ الاحتمالات واخطرها، فالميزانيات التي انفقت على وزارة الدفاع منذ الغزو والى اليوم ميزانيات ضخمة جدا والاموال التي صرفت اموال خيالية لو انفقت على دولة اكبر منا بأضعاف كثيرة لصارت متروسة بأقوى ترسانة حربية وجهزت باقوى جهاز عسكري دفاعي، فما هي حقيقة الوضع القائم عندنا، وهل نحن قادرون فعلا على صد اي عدوان محتمل من الجار العراقي؟
وفي الجهة الاخرى هناك فروقات سلبية ويمكننا القلق منها وأولها ان النظام العراقي الحالي يختلف عن السابق في الاساس الفكري والايديولوجي، فقد كان النظام البعثي يواجه بعداء مع الجار الإيراني بالاضافة الى افتقاره الى منطلقات فكرية عدائية، اما النظام الحالي للعراق فيتوافق فكريا مع جارته الاخطر (إيران)، ويمثل الاغلبية فيه اشخاص يرون ان هناك عداء فكريا تاريخيا بيننا وبينه، وهنا تكمن الخطورة!
قد لا يكون النظام العراقي مهيئا للدخول في حرب مع اي دولة اخرى في الوضع الحالي، لكننا لا يمكن الاعتماد على هذا الامر، فالعراق مع مرور الوقت يستعيد قوته شيئا فشيئا، وعنده من المقومات ما يمكن جعله في زمن قصير قوة ضاربة في المنطقة خصوصا مع وجود الحليف الإيراني الذي تتحكم استخباراته بالنظام العراقي!
أضف الى ذلك التصدع الكبير الذي يضرب وحدتنا الوطنية، التصدع الطائفي والطبقي الذي بات واضحا عبر وسائل الإعلام، تلك الوسائل التي لا تبالي باثار هذا التمزق وكانها تتمنى لو تحول المجتمع الى صراع طائفي وطبقي يأكل بعضه بعضا.
الحكومة - وللاسف - هذه المرة هي الراعية لهذا التأجيج والصراعات والتمزق في النسيج الوطني، وهي ترقب هذا التصعيد منذ سنوات وتحميه لغاية في نفسها، ولكنها لابد ان تعلم خطورة الاحتقان الذي تعيش البلاد فيه والذي يختلف تماما عن اجواء سنة 90، واخطر شيء يمكن ان تستغله اي دولة معادية هو تفكك المجتمع وعدم وحدته.
قدرنا ان نكون بجوار دولتين لا يمكن ان يكون بيننا وبينهما سلام دائم، العداء بيننا وبينهما يرتفع الى السطح احيانا، ويختبئ احيانا اخرى، لكن لن يزول ابدا مع وجود الانتماءات المذهبية المتطرفة في كلتا الدولتين وطمعهما في المصالح والثروات التي رزقنا الله اياها.
المشهد اليوم يختلف كثيرا عن المشهد في عام 90 وهناك عوامل كثيرة مؤثرة اختلفت عن الزمنين والذين ظنوا ان الازمة والتهديد الامني العراقي زالا بزوال نظام «صدام» سيعيدون النظر في ظنهم ولابد، فاننا وان كنا فرحنا بزوال احدى صور الاخطاء القريبة منا الا اننا نعلم بان الخطر سيبقى لكن الصورة اختلفت، والسؤال المهم هل سنرى في المستقبل اياما اشد سوادا واكثر خطورة من ايام النظام البعثي الهالك؟!!.. العلم عند الله ونسأل الله ان يحفظ بلادنا من كل سوء وشر.
تعليقات