#جريدة_الآن د. حمد الأنصاري: شعور العطش للإنجاز كان أكبر بكثير من التحفظات على جسر جابر
زاوية الكتابكتب حمد الأنصاري مايو 6, 2019, 11:43 م 965 مشاهدات 0
الجريدة
لم أتمكن من منع نفسي من الذهاب لرؤية جسر جابر بعد افتتاحه يوم الأربعاء الماضي، الذي صادف يوم الاحتفال بعيد العمال العالمي، والحقيقة أعجبني هذا الجسر الجميل الممتد من مدينة الكويت حتى منطقة الصبية، كما شاهدت العديد من المواطنين والمقيمين مستمتعين بالمنظر الجميل لمدينة الكويت في الأفق، ورغم التحفظات الكبيرة على تكاليف إنشاء هذا الجسر ومدى ضرره على البيئة البحرية، إلا أنه من الواضح أن شعور العطش للإنجاز كان أكبر بكثير من تلك التحفظات.
ولست هنا بصدد تنغيص تلك المشاعر بالسعادة والفخر على المواطنين، إلا أن هناك بعض الأفكار التي راودتني بعد زيارتي للجسر، أولها ذلك التساؤل حول الفوائد التي كسبناها كشعب من هذا المشروع الضخم، الذي فرحنا بانجازه، فمثل هذه المشاريع يفترض أن توفر الخبرة للعناصر البشرية الوطنية، بحيث يمكنها أن تقوم بمشاريع أخرى في المستقبل، وتقلل الاعتماد على العنصر الأجنبي، إلا أنه كما بدا لي من حضور رئيس الوزراء الكوري لافتتاح الجسر أن مَنْ قام بهذا الانجاز هو الشعب الكوري وليس الكويتي... كذلك مدى جدية الرؤية المتوقعة لهذا الجسر، فهذا الجسر الذي كلف مئات الملايين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بانجاز مشروع الحرير وجزر الشمال، وبالتأكيد لم يُنشأ من أجل «الكشتات»، فمنطقة الصبية التي ينتهي عندها الجسر ليست سوى صحراء، كما أن العبور لجزيرة بوبيان غير متاح الآن، لذلك فإن الفائدة الفعلية من هذا المشروع، لن تتحقق إلا بوجود مشاريع في المنطقة الشمالية، فهل حكومتنا جادة في تنفيذ تلك المشاريع؟
كنت أتمنى أن يتزامن بناء هذا الجسر مع بناء مدينة الحرير، فيكون افتتاحه مرتبطاً بافتتاح ذلك المشروع الحلم، ولكن قدرنا أن حكومتنا تمشي «بالعكس»، وهذا لا يمنعنا من التفاؤل بإنجاز تلك المشاريع، لكن واجبنا الوطني يحتم علينا أن ننبه وننصح ونحاول أن نوجه الرأي العام نحو مكامن الخلل وطرق العلاج، لذلك نكتب وننتقد، فكما ذكرت مسبقاً نحن اليوم متعطشون بشكل كبير للانجاز وننتظر بفارغ الصبر دوران عجلة التنمية، ولكي نستفيد بأكبر قدر ممكن من تلك المشاريع يجب التركيز على العنصر البشري الوطني، فالتنمية اليوم هي التنمية البشرية والاستثمار بالانسان هو الاستثمار الرابح في هذا الزمن، أما التفاخر ببناء أطول الجسور أو أعلى ناطحات السحاب أو أكبر المولات التجارية دون أن يكون للعنصر البشري الوطني دور حقيقي في بنائها فلن يعود علينا بأي فائدة، بل باعتقادي ليس لنا أي حق فيه وإنما هو حق مكتسب للعناصر الأجنبية التي قامت ببنائه وتشييده.
تذكرت وأنا أكتب هذا المقال جسر التنهدات في مدينة البندقية الايطالية، الذي يعتبر أحد أشهر جسور البندقية، حيث يتصور البعض أن تسميته رومانسية مرتبطة بتنهدات العاشقين، بينما الحقيقة أنه سمي بجسر التنهدات نسبة لتنهدات المساجين العابرين عليه لتنفيذ أحكام الإعدام، لذلك أتمنى ألا يحرّف الهدف من إنشاء جسر جابر، وأن تنجز جميع المشاريع المرتبطة به، وأن يتم الاستثمار أكثر في عناصرنا الوطنية، وألا ينتهي الحال بهذا الجسر بأن يكون معلماً سياحياً فقط، نزوره من دون علم بفائدته أو جدواه وربما لشرب الشاي والقهوة... والتنهد حسرة على ضياع البوصلة.
تعليقات