#رأي_الآن - النصب العقاري هدم بيوت الكويتيين .. فماذا نحن فاعلون؟

محليات وبرلمان

الآن 1761 مشاهدات 0


مليار دينار هي حصيلة النصب العقاري الذي استمر لسنوات تحت سمع وبصر وزارات الدولة ، بل وجرى داخل المعارض العقارية التي تتم تحت رعاية وإشراف ومراقبة وزارة التجارة وابتسامات بعض المسؤولين والمشاهير الذين دفعت لهم الشركات مبالغ مالية كبيرة لزيادة الثقة فيها.


نعم عزيزي القارئ، مليار دينار بالتمام والكمال هي ما تبخر من جيوب المواطنين نتيجة عمليات النصب هذه في سنوات قليلة وفق ما قاله مقرر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة عبد الله فهاد بعد اجتماعه بمتضرري النصب العقاري من المواطنين، ولكي نقرّب للقارئ الرقم ليقارنه مع أبرز عمليات الاحتيال العالمية فإن مليار دينار تساوي ٣ مليارات دولار وهو رقم يوازي ميزانية عدد من الدول الأفريقية!

ولكي لا يمحى التاريخ، ولكي ننتصر للمواطن البسيط الذي فقد مدخرات حياته، ولكي ننتصر للأرملة التي استثمرت أموال أبنائها اليتامى في هذه العقارات خوفاً عليهم من عواقب الدهر، لا بد "للآن" أن تذكر القصة كاملة.

شركات العقار هذه بدأت بفكرة بسيطة، مداعبة خيال المواطنين المتقاعدين بالحصول على شاليه في مدينة الخيران البحرية بأقل التكاليف بل وبنظام الأقساط المريحة، وفي حال لم يرد المواطن السكن فيه، فإن الشركة ستلتزم بتأجيره لسنوات وبعوائد خيالية، أي أن المستثمر ما عليه إلا أن يمنح مدخرات حياته لهذه الشركة العقارية المجهولة، أو يقوم بالذهاب إلى بنك من البنوك والحصول على قرض يقصم راتبه من أجل الأمان العقاري الذي هو حق طبيعي لكل إنسان.

لكن هذه الشركات تعرضت للتشكيك، بسبب جهل الناس بأسماء ملاكها ووجود شبهات كثيرة تدور حولهم، فلجأت لأسلوب آخر وهو "تأجير" أسماء أشخاص من عائلات وقبائل كويتية معروفة ومنحهم رواتب خيالية مقابل قبولهم بمسمى "رئيس مجلس إدارة" دون حضورهم إلى الشركة إلا للتصوير.

كما لجأت هذه الشركات إلى مشاهير التواصل الاجتماعي الذين تحوم اليوم حولهم شبهات كبيرة بغسل الأموال والثراء السريع وغير المشروع، هؤلاء المشاهير أوهموا جماهيرهم بأن هذه الشركات توازي في ثقتها البنوك العالمية بل وقالوا بأن هذه الشركات هي فرصة كل مواطن للثراء السريع.

ثم كانت الصدمة، تبين أن بعض هذه الشركات لا تملك أية مشاريع على الأرض، بل باعت للمواطنين الوهم بثمن باهظ، وأما الشركات التي كانت تبني المشاريع فإن المستثمرين عرفوا أن عقودها غير قانونية وأنهم دخلوا في شرك لا مخرج منه إلا بخسائر كبيرة، فالشركات أوهمت المواطنين بأنهم سيحصلون على وثائق عقارية حرة ومنفصلة ثم فوجئوا بأن وثائقهم هي "وثيقة أرض مشاع" أي أن أكثر من شخص مشترك في هذه الوثيقة وأن عملية البيع إذا لم تكن مستحيلة فهي صعبة جدًا.

أما الجزء الآخر من الشركات، فإن أصحابها الحقيقيين وهم من جنسيات غير كويتية، هربوا إلى بلدانهم بثروات المواطنين، وخرج رؤساء مجلس الإدارة الوهميين من المسألة مثل خروج الشعرة من العجين بسبب نفوذ عائلاتهم، ولم يتحمل الموظفون والسماسرة أية مسؤولية قانونية إذ أنهم كانوا يعملون في معارض عقارية مرخصة من قبل وزارة التجارة، وبعض مشاهير التواصل الاجتماعي باتوا يصورون حياتهم الباذخة التي تحصلوا عليها بواسطة الإعلان عن هذه الشركات العقارية ويشتمون المواطنين في بعض الأحيان ويتهمونهم بالفشل والكسل، كل هذا لأن الجماهير لم تعرف إلى النصب والخداع طريقاً، أما المواطن المسكين فإنه فقد مدخرات عمره وظل يضرب أخماساً بأسداس بعد استثماره في هذه الشركات المشبوهة.

أما عن الحلول فقبل كل شيء يجب على وزارة التجارة أن تعترف بوجود أزمة حقيقية تسببت بها هي ومن ذكرناهم آنفاً  لهؤلاء للمواطنين أولاً، وللثقة التي كانت سمة السوق العقاري ثانيًا قبل دخول هؤلاء، كما أن تعويض هؤلاء المواطنين بات ضرورياً كما عوضت الدولة من قبل مجموعة التجار الذين قاموا بحرق أموالهم في أسواق المال على حساب الشعب الكويتي في قضية المديونيات الصعبة.

والطريق الثاني هو محاسبة كل من تورط في هذه القضية من مشاهير ووزراء سابقين وزوجاتهم ومدراء بنوك ومؤسسات اقتصادية أغرتهم الرواتب الضخمة التي منحها لهم هؤلاء المشبوهون ، ومحاسبة أيضاً السماسرة والباعة ، والأهم جلب كافة المتهمين إلى المحاكم وسجنهم وجعلهم عبرة لمن لم يعتبر ، وإلا فإننا سنشهد جولة جديدة من عمليات النصب والاحتيال في مجال آخر من مجالات التجارة ما دامت أجهزة الدولة مخترقة من قبل أموال هؤلاء وهداياهم ورشاويهم .

تعليقات

اكتب تعليقك