على ماذا يتربى شباب الصحوة؟ - يكتب د. عبدالرحمن الجيران
زاوية الكتابكتب عبدالرحمن الجيران ديسمبر 20, 2018, 11:20 م 716 مشاهدات 0
الراي:
هذا موضوع جدير بالبحث العلمي الميداني لمعرفة أبعاد هذه النازلة - وهي ضعف التربية الإيمانية لدى جيل الشباب - وتحديد مواضع الترهل والخلل في هياكل الدعوة إلى الله، خصوصاً بعد موت العلماء الكبار وخلو الساحة وفقدان القدوة والمربي والفراغ العلمي وفقدان التوجيه من أعلى إلى أدنى وعزوف الشباب عن الرتابة الإدارية وانصراف الهمم عن حفظ القرآن والسنة، في مقابل توفرها للترويح والرحلات والدواوين لتضييع الأوقات وملء الفراغ... ولا يكفي لسد هذه الفجوة الاكتفاء بولاء الكوادر الدعوية لأن فاقد الشيء لا يعـــطيه ! فكيف يتربى وعلى ماذا الشباب؟
ومن ســـيحمل الـــرايــــة اذا تحنطت المسؤوليات والرموز ؟
وعلى كل حال هذه بعض الآثار التي تبين مدى عناية السلف بطلاب العلم، واعدادهم اعداداً ليس حزبياً وإنما إيمانياً وعلمياً ومنهجياً:
أولاً: فعن مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - قال: أتينَا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن شَبَبَة مُتقارِبون، فأقمنا عنده عشرينَ ليلة، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رحيما رفيقا، وظن أنَّا قد اشتَقْنا أهلَنا، فسألنا عمَّنْ تركنا من أهلنا؟ فأخبرناه، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم فليصلُّوا صلاةَ كذا في حين كذا، وصلاةَ كذا في حينِ كذا، وإذا حضرتِ الصلاةُ فليؤذِّنْ لكم أحدُكم، وليُؤمّكم أكبَركم».
فقد كان صلى الله عليه وسلم وأصحابه شديدي العناية بالشباب لا سيما طلاب العلم منهم، فكان صلى الله عليه وسلم يدعو لهم، ويمازحهم، ويماسحهم ويبرك عليهم، ويناصحهم، ويلاطفهم، ويعودهم العبادة ويعلمهم، بل جعل لهم القيادة والريادة، وأنزلهم المنْزلة التي يستحقونها.
ثانياً: روى مسلم في صحيحة «عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ فَقَالَ لِلْغُلَامِ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْغُلَامُ لَا وَاللَّهِ لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِهِ».
يقول الإمام النووي: «إنما استأذن الغلام إدلالاً على الغلام وهو ابن عباس، وثقة بطيب نفسه بأصل الاستئذان والأشياخ أقاربه، قال القاضي عياض: وفي بعض الروايات (عمك وابن عمك أتأذن لي أن أعطيه)»، وفعل ذلك تألفاً لقلوب الأشياخ، وإعلاماً بودهم وإيثار كرامتهم إذا لم تمنع منها سنة، وتضمن ذلك أيضاً بيان هذه السنة، وهي أن الأيمن أحق، ولا يدفع إلى غيره إلا بإذنه، وأنه لا بأس باستئذانه، وأنه لا يلزمه الإذن، وينبغي له أيضاً ألا يأذن إن كان فيه تفويت فضيلة أخروية، ومصلحة دينية كهذه الصورة، فهكذا إذاً كانت تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم للصغار والكبار وفيها مراعاته صلى الله عليه وسلم للصغير والكبير على حد سواء.
الخلاصة
يتعين شحذ الهمم وتوجيه الطاقات للاهتمام بطلب العلم، وتزكية النفس، والحرص على مصاحبة العلماء، أكثر من الحرص على جمع التبرعات، فما فائدة الملايين بالبنوك وشبابكم انفضوا من حولكم!
فهل نعي ونتدارك الامر؟
أم ليس في الامكان أبدع مما كان؟
تعليقات