ناصر العبدلي يكتب: الفساد مشكلة إدارة!

زاوية الكتاب

كتب ناصر العبدلي 612 مشاهدات 0


الراي:

الحديث عن القضاء على الفساد، والتخلص منه بشكل قطعي ليس حديثاً جدياً، لأن الفساد سيظل موجوداً مهما كانت الرغبة والإرادة، وهو جزء من طبيعة البشر، لكن ما دام هناك مؤسسات «رقابية» تعمل كما ينبغي، فإن الفساد سيظل في إطار النسبة المقبولة، ويمكن محاصرته حتى لا يتجاوز تلك النسبة.

في الحالة المحلية لا يمكن أن نضع الفساد في إطار النسبة المقبولة، مهما فعلت الحكومة من إجراءات لأن هناك بنية إدارية «حكومية» تكرس الفساد وتعمل على استمراره، لا بل تزايده - كما نرى على الساحة - الأمر الذي يجعلنا نقف حائرين أمام كيفية التخلص منه، وإعادته إلى الوضع المفترض أن يكون عليه. 

الجدية في محاربة الفساد تتطلب مجموعة من الخطوات... أبرزها التخلي تدريجيا عن بعض القطاعات الحكومية، التي يستطيع القطاع الخاص إدارتها مثل قطاعات الخدمات «الكهرباء والماء، الهواتف الأرضية، البريد، مصافي النفط، محطات الوقود، النقل»، لأن في التخلي عن تلك القطاعات فرصة لتطويرها أولاً، وفرصة لتوفير المليارات التي تصرف عليها من دون مردود. ثانياً «رواتب، صيانة».

في التخلي عن تلك القطاعات خطوة للتخلص من نصف الفساد - على الأقل - الذي تسجله المؤشرات المحلية والدولية على بلد مثل الكويت، لأن في داخل تلك المؤشرات معايير تتعلق بالأداء وحجم المصروف على تلك القطاعات، والمردود المعنوي والمالي لها، وتلك لا يمكن تجاوزها إلا بقرارات جادة وجريئة.

كما أن التخلي عن تلك القطاعات يخرجها من اللعبة السياسية والبرلمانية، التي حملت تلك المؤسسات بأحمال لا تستطيع بسببها القيام بما هو مطلوب منها، فأكثر المناصب في تلك القطاعات تذهب على شكل ترضيات سياسية للطوائف والقبائل والعوائل، الأمر الذي حولها إلى قطاعات عاجزة.

ربما يقول أحدهم إن تلك الخدمات تقدمها الدولة بأسعار رمزية، وهناك نسبة كبيرة من المواطنين البسطاء من ذوي الدخل المحدود لا يمكن تحمل مثل تلك التغييرات السريعة، والرد على هذا القول بمراجعة حجم الاشتراكات في شركات الهواتف النقالة التي تجاوز عددها خطين لكل مواطن بتكلفة مالية ربما تتجاوز 20 مليون دينار شهريا.

الحديث عن «تخوف» من عدم قدرة المواطن على تحمل أعباء التخلص من تلك الخدمات حكوميا ليس في محله، كما أن مثل ذلك «التخوف» يمكن معالجته إذا أردنا من خلال توفير الدعم اللازم في حال كان هناك حاجة لمثل هذا الدعم، كما يحدث في جوانب كثيرة تقوم الحكومة بدعمها شهرياً.

الحكومة تستطيع أن تحتفظ بقطاعات «الأمن، التعليم، الصحة»، وتتفرغ لها وتطورها لأنها من القطاعات التي تدعم التنمية، لكن عليها أن تضع رؤية جديدة لتلك القطاعات من حيث الإدارة، بعدما بات واضحاً طوال السنوات الماضية عجز الحكومة عن إدارة تلك القطاعات كما يجب خصوصاً مع تضخمها، مع إعادة النظر في القوانين التي تنظمها حاليا بشكل كامل.


تعليقات

اكتب تعليقك