تعديل مستحق - يكتب حسن العيسى مؤيدًا لتجنيس غير المسلمين

زاوية الكتاب

كتب حسن العيسى 921 مشاهدات 0


الجريدة:

يعد إقرار اللجنة التشريعية تعديل قانون الجنسية بإلغاء شرط الإسلام لكسب "الكويتية" خطوة صحيحة لعقلانية التشريع، وهذا يتسق مع نصوص الدستور وروحه التي ترفض التمييز بين الناس بسبب جنسهم أو أصلهم أو لغتهم أو دينهم، ولو كان هناك بالفعل وعي دستوري حقيقي عند النواب المختلفين أو الحكومات المتعاقبة لما ظلت هذه المادة السيئة، وغيرها من مواد معيبة، في قوانين الجزاء والمطبوعات مثلاً كدمامل قبيحة في الوجه القانوني للدولة، لكن، كالعادة، النصوص الدستورية في واد، والقوانين والممارسة الفعلية في واد آخر.

الفقرة الخامسة من قانون الجنسية، التي تشترط الإسلام، حشرت في القانون بعد إقرارها من المجلس في بداية الثمانينيات، وصمتت الحكومة ذلك الوقت على هذا الخرق لمبدأ المساواة في التشريع، وتماهى معظم النواب مع التيار المحافظ المتشدد حينها على حساب المعايير الدستورية، كان كسب أصوات التشدد والتعصب والمزايدة على المشاعر الدينية في أبشع صوره. الراحل النائب جاسم الصقر (وهذه حكاية ذكرتها أكثر من مرة) أبدى اعتراضه على الزج بمشروع التعديل ذلك الوقت، ورأى بحصافة قانونية أنه يعد انتهاكاً واضحاً للدستور، لكنه، كما أخبرني، بعدها بسنوات طويلة، وجد نفسه أمام ضغوط سياسية هائلة من جمهور كبير ركب موجة الإسلام السياسي، ويقول الراحل إنه اضطر إلى الموافقة على التعديل بعد تلك الضغوط الشعبوية التي تعرض لها، ولم يتردد في إبداء أسفه وحزنه للموافقة عليه.

كان هذا التعديل بمنزلة رفع علم الانتصار للدولة الثيوقراطية (الدينية)، على دولة حكم القانون والمساواة، التي كان يفترض أن تسود منذ استقلال الدولة وإقرار دستور 62، ومنذ ذلك التاريخ دخلت الكويت في متاهات السباق على التكسب السياسي للعقيدة واستثمار الجهل بالمعايير الدستورية ودولة حكم القانون، وركبت السلطة السياسية هذه الموجة السائدة للقومية الدينية (على حساب الشرعية الدستورية) التي كانت تنتشر وتترسخ في العالمين العربي والإسلامي بفضل "البترودولار" ومباركة وتشجيع الدولة الأميركية ودول الغرب التي كانت تحسب الأيام لنهاية المعسكر الاشتراكي، ووجدت ضالتها في حرب أفغانستان، وكان المخلب الجهادي أحد أدواتها، دون حاجتنا إلى التذكير الآن بمثل "خبز خبزتيه..."!

عدد من البدون الكويتيين أظهروا امتعاضهم من مشروع التعديل الجديد للجنة التشريعية، فهم يرون فيه تغليباً لتجنيس غير المسلمين على حساب قضيتهم العادلة في الجنسية، وهذا تصور غير صحيح، فحكم العدالة والمساواة مثلما يرفض حرمان المستحقين للجنسية من "حقهم" في الجنسية يرفض أيضا التمييز بين الناس حسب معتقداتهم الدينية، لنتذكر ذلك، ولننتظر موقف الحكومة وجماعتها من مشروع التعديل المستحق، ومن قضايا تمييز وعنصرية وتعال كثيرة تضج بها ممارسات سياسية انتهازية هذه الأيام.

تعليقات

اكتب تعليقك