مشكلة البدون لن تُحل إلا إذا عَلِم قطاع واسع من الشعب بالتفاصيل المتراكمة للقضية.. برأي مظفر عبد الله
زاوية الكتابكتب سبتمبر 29, 2018, 10:46 م 1310 مشاهدات 0
الجريدة
البدون... أشياء لم تحدث
مظفر عبد الله
أول العمود:
كشف أي قضية فساد ناتجة عن تصفية حسابات بين خصوم يُسمى استعراضا لا مكافحة.
***
أضع هذه المعلومات بين يدي كل كويتي يعتقد أن قضية (البدون) ليست بتلك الخطورة على الدولة، أو الذين ربما لا يعلمون عن هذه الفئة إلا اليسير من المعلومات وما أكثرهم، خصوصاً من الجيل الشاب.
عام 1959 وُضع قانون إقامة الأجانب الذي استثنى البدون (أفراد العشائر كما سمَّاهم) من أي تبعات للقانون، وميزهم عن الوافدين ومع الاستقلال استمرت الحكومة في عدم التمييز ضدهم، وبدءاً من الثمانينيات تم التضييق عليهم وصولاً إلى الوضع الحالي الذي بلغ الأمر مداه في المحاصرة، وهنا نسجل نقطة ارتباك الدولة تجاه القضية عبر المحطات الأربع.
من ناحية ثانية يلاحظ التبدل المستمر في إطلاق المسميات لتعريفهم، فهم "غير كويتيين" و"بدون جنسية" و"مقيمون بصورة غير قانونية" و"مقيمون بصورة غير شرعية".
ومن ناحية أخرى، فقد اهتمت الإدارة الحكومية بالعديد من الملفات المحلية ومنها التعليم والصحة والإسكان وعقدت مؤتمرات وطنية لها أدلى الخبراء فيها بدلوهم، إلا أن شيئاً شبيها لقضية البدون لم يتم طوال العقود السابقة، رغم أنها تمس الأمن الوطني بشكل مباشر وخطير، هنا نسجل حالة الإنكار السلبي لمقتضيات الأمن الوطني.
بحسب علمي- وأتمنى أن أكون مخطئاً- أنه لم يتم إنتاج عمل إعلامي متلفز يسلط الضوء على قضية البدون ويوثقها رغم أن أجهزة الحكومة لا توفر مناسبة إلا وتؤكد امتلاكها دقائق الأمور عن أبناء هذه الفئة، وهذا جزء من حالة إنكار وجود الأزمة، ويعني أن الإعلام الرسمي لا يعرض للناس حق يقة واقعة على الأرض.
وبحسب علمي أيضا- مع التمني السابق ذاته بأن أكون مخطئاً- أنه لم يقُم مسؤول عن ملف البدون على مر جميع اللجان المشكلة أن قام بزيارة ميدانية لأماكن سكن هذه الفئة، وهي أماكن بائسة للاطلاع عن كثب على صدق دعاواهم المعيشية أو كذبها. هذا الفعل يُعد مسألة روتينية وفطرية لفئة تفوق الـ100 ألف نسمة تعيش بيننا، أم أنا على خطأ؟
وأخيراً، فإن كل المعلومات التي جمعتها الدولة عن هذه الفئة على مر الزمن وخصوصا بعد التسعينيات جرى ويجري توظيفها لبث المزيد من الكراهية الاجتماعية، ومن بين ذلك المَنّ عليهم بمساعدات الدولة واللجان الخيرية مقابل "جحودهم للنعمة"، وخلط المستحقين للجنسية مع المدعين، والحديث عنهم جميعاً بمنطوق واحد يروج للمحافظة على النسيج الاجتماعي الذي تأسس بالأصل متنوعا حين جاء الجميع إلى هذا البلد!
البارز فيما سبق أن الدولة هنا باتت تتخفى وراء أجهزة إحصاء وترصّد تضعها في الواجهة أمام الرأي العام لتتلقى سهام النقد والتوبيخ الشعبي، وهذا التخفي بدأ منذ عام 1986 !
مشكلة البدون لن تُحل إلا إذا عَلِم قطاع واسع من الشعب بالتفاصيل المتراكمة للقضية، لأن العلم بالشيء يولد حركة ورأياً عاماً يضغط باتجاه تحريك القرار نحو الحل.
تعليقات