د.حسن جوهر يتحدث عن مواصفات الحكومة القوية، وعن مسؤولية رئيس الوزراء المكلَّف للمرحلة القادمة

زاوية الكتاب

كتب 604 مشاهدات 0




الحكومة القوية!
د. حسن عبدالله جوهر
 
هناك مفهوم آخر لقوة الحكومة يتمثل في قدرتها على طرح برنامج تنموي متكامل وخلال فترة مبكرة، يخضع للمتابعة والرقابة وتعلن الحكومة ابتداءً استعدادها للمحاسبة والعقاب وحتى إعلان استقالتها إذا أخفقت في ترجمة أعمالها وفق جدول زمني محدد سلفاً.

لا يمكن أن نتجاهل حالة الفتور السياسي الذي يسود قطاعات مهمة من المواطنين تجاه الانتخابات القادمة، وبغض النظر عن أسباب ومبررات هذا الشعور السلبي، فإن هذه الشريحة تريد بالتأكيد إيصال رسالة إلى أصحاب القرار مفادها عدم الرضا عما آلت إليه الحياة السياسية في الكويت من تصعيد سياسي غير مبرر وتباعد الخطاب السياسي عن قضايا التنمية وتطلعات المستقبل.

وقد يكون مثل هذا الطرح مقبولاً في ظل احتمالية استمرار التركيبة السياسية لمجلس الأمة القادم وبالنتيجة تجدد أزمة الصدام بينه وبين الحكومة، وبما أن شكل البرلمان الجديد ستعكسه عوامل ثابتة منها التعددية الفئوية والمناطقية للناخبين وكثرة معايير الاختيار القائمة على أسس قبلية ومذهبية وطبقية إضافة إلى معايير الخدمات الشخصية المتقاطعة مع معايير التيارات الفكرية والإيديولوجية، فإن أحد المخارج المهمة لإحداث توازن نوعي يكمن في طريقة وفلسفة اختيار الحكومة وتركيبتها وطبقية أدائها في المرحلة القادمة.

وعلى الرغم من أن تشكيل الحكومة سيتأثر إلى حد كبير بالمعايير نفسها المتنوعة والتعددية التي تفرضها نتائج الانتخابات، فإنه يمكن تجاوز هذا التحدي من خلال وجود حكومة قوية. وقد يختلف تعريف الحكومة القوية من قراءة لأخرى وبحسب موازين التحليل السياسي للتيارات والكتل البرلمانية والرأي العام، ولكن يبقى مفهوم الحكومة القوية في رأينا قائماً على ضرورة كسب الأغلبية البرلمانية، وهذه الأغلبية البرلمانية يجب ألا تكون معتمدة على مبدأ المحاصصة أو ترضية التيارات السياسية الفائزة في الانتخابات لأن هذا المبدأ لا يمكن أن يكون عادلاً، فالأعراف السياسية وقواعد الديمقراطية لا تقبل بأن يتم اختيار وزير واحد لكتلة برلمانية ذات ثلاثة مقاعد ووزير واحد لكتلة أخرى تحظى بسبعة مقاعد نيابية إضافة إلى أن عدد الوزراء في الأساس لا يمكن أن يستوعب التنوع القبلي والمذهبي والحزبي خصوصاً إذا استبعدت حصة أبناء الأسرة من العدد المحدود للوزراء.

ومن جانب آخر، قد لا يكون مفهوم الحكومة القوية صحيحاً في إطار ما يدفع به البعض ويحرِّض على أن يكون الوزراء سليطي اللسان ولديهم القدرة على التصدي لصراخ النواب ورد الصاع صاعين وتحويل المجلس إلى قاعة للمشادات اللفظية.

ويبقى مفهوم آخر لقوة الحكومة يتمثل في قدرتها على طرح برنامج تنموي متكامل وخلال فترة مبكرة، يخضع للمتابعة والرقابة وتعلن الحكومة ابتداءً استعدادها للمحاسبة والعقاب وحتى إعلان استقالتها إذا أخفقت في ترجمة أعمالها وفق جدول زمني محدد سلفاً.

ومثل هذا الإعلان هو الكفيل باستنهاض روح الأمل في قلوب المواطنين، ورفع معنويات الرأي العام، ومن ثم فرض الحكومة ثقتها على الأغلبية البرلمانية التي ستتحول بالتأكيد حينئذٍ إلى جبهة للدفاع عنها وحمايتها من أي محاولات تأزيمية، وتبقى هذه مسؤولية رئيس الوزراء المكلَّف للمرحلة القادمة، وهذا هو أحد التحديات الرئيسية ليس فقط لتخفيف حالة الاحتقان السياسي، بل لإحداث نقلة نوعية في مستقبل الكويت على خطى إحياء الأمل والثقة بالنظام الديمقراطي.
 
 
 
 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك