جرح «البدون» النازف... متى يلتئم؟!.. محمد العوضي متسائلا
زاوية الكتابكتب محمد العوضي سبتمبر 25, 2018, 10:57 م 1268 مشاهدات 0
الراي
خواطر قلم- جرح «البدون» النازف... متى يلتئم؟!
محمد العوضي
أسعدني جدا القرار الوزاري الذي أصدره وزير الصحة الأخ الشيخ الدكتور باسل حمود الصباح، وفتح من خلاله باب السماح لأبنائنا من البدون والمقيمين أبناء الكويتيات العمل في مجال الخدمات الصحية في وزارة الصحة بعد استثنائهم من شرط مدة الخبرة العملية، الذي لا يتفق مع المنطق العقلي السليم، إذ كيف يتمكن البدون حامل الشهادة الطبية أو الصيدلانية من امتلاك الخبرة في مجال تخصصه وهو لا يُسمح له أن يعمل فيه، كما كان معتمدا في السابق؟!
هذا الخبر وقبله خبر قيام وزير التربية بمعالجة مشكلة قبول أبناء البدون في مدارس مناطق سكنهم، التي كتبت عنها واستجابت «التربية» مشكورة لمقترحات أولياء الأمور من اخواننا البدون وقبول أبنائهم في مدارس قريبة من منازلهم، هذان الخبران أثلجا صدري وأسعداني كما أسعدا قلوب عشرات الآلاف من البدون المنكوبين بعقلية إدارية عنصرية ظالمة تستقوي على ضعفهم وتسعى لتجريدهم من كافة مقومات الحياة الإنسانية الكريمة بحجة وجود «شبهة» تزوير في أوراقهم الثبوتية.
القرار الحكومي المستمر منذ سنوات بالحكم على اخواننا البدون «بالإعدام اجتماعيا»، بسبب ما تظنه الحكومات المتعاقبة «شبهة تزوير» لا يتفق مع الأحكام الشرعية ولا قوانين الحقوق الإنسانية، ولا يتناسب أن يكون في دولة تم اختيار أميرها - أمد الله في عمره - ليكون قائدا للعمل الإنساني العالمي.
أيها السادة:
منذ أن وعيت على الدنيا، وهأنا على أعتاب الستين عاما من عمري، وأنا أسمع عن معاناة البدون والأذى الذي يكابدونه كل يوم والعذاب الذي يتعرضون له ويتعرض له أبناؤهم طوال سنين عديدة بسبب قصور في الرؤية الإدارية للحكومة وعدم مواءمة القوانين المحلية لعلاج مثل هذه الإشكالية التي أنتجت جرحا غائرا لم يتوقف نزفه منذ ذلك الحين وحتى اليوم، حيث لم يظهر في الأفق أن حلاً قريباً يُرتجى لهم أو علاجا ناجعا يوقف نزف الألم والعذاب وامتهان كرامتهم الإنسانية.
وزير الصحة بقراره الإنساني المستحق وقبله قرار وزير التربية الذي وافق الحق الإنساني وراعى الظروف الأسرية يستحقان الشكر والثناء والإشادة، ونتمنى أن تكون هذه القرارات الإنسانية بداية الغيث وخارطة طريق لحكومة سمو الشيخ جابر المبارك لإصلاح ما تسببت به الحكومات السابقة من اختلال في معالجة مأساة البدون، التي انعكست سلبا على جوانب عدة في البلاد اجتماعيا وأمنيا وسمعة خارجية.
أهلنا البدون هم من أهل الكويت بعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم، وهم بلا شك أولى بالعمل ومشاركتنا بناء الكويت من مئات الآلاف الذين لا نتوافق معهم بالقيم الاجتماعية والسلوكية من رعايا دول شرق آسيا وغيرهم، ممن ملأوا الكويت بالكثير الكثير من الأخلاقيات والسلوكيات السلبية.
الكويت تستحق منا الأفضل، ورحمتنا بأهلنا البدون وحل مشكلتهم الطويلة سبب لاستجلاب رحمة الله لنا، ولذا فإنني أتمنى على رئيس حكومتنا ووزرائه أن يسعوا جاهدين لعلاج هذا النزف ويعيدوا للوطن بهجته ولحمته والاستفادة من علومهم وشهاداتهم واستثمار هذه الطاقات الإنسانية الخلاقة بما يعود بالنفع على الكويت وأهلها.
تعليقات