10 سنوات على الأزمة الأخلاقية.. يتحدث عبد العزيز الكندري في ذكرى الأزمة الإقتصادية العالمية
زاوية الكتابكتب سبتمبر 19, 2018, 10:48 م 774 مشاهدات 0
الراي
ربيع الكلمات- 10 سنوات على الأزمة الأخلاقية
عبد العزيز الكندري
مرت عشر سنوات على الأزمة المالية العالمية التي حدثت عام 2008، والتي بدأت شرارتها بانهيار بنك «ليمان براذرز» حيث بلغت أصوله 700 مليار دولار، والسبب فقاعة الرهون العقارية وجشع لدى البنوك بتسهيل الاقتراض للناس ورهن عقاراتها ومن ثم يتم بيع المديونيات لبنوك الاستثمار، وهذا الفشل الأخلاقي هو الذي تسبب بأكبر أزمة مرت على العالم.
ونتيجة لهذه الأزمة فقد فقد الأميركيون 19 ترليون دولار من ثرواتهم، وأكثر من 8 مليون أميركي فقدوا وطائفهم، وارتفعت البطالة إلى أكثر من 10 في المئة في حين أنها كانت قبل الأزمة 4 في المئة عام 2007.
وبعد هذه الأزمة المالية -التي عصفت وأكلت الأخضر واليابس -أصبحنا نسمع بعض الكلمات بكثرة، خصوصا كلمة «إعادة الهيكلة»، والتي تستهدف إعادة هيكلة الشركات داخليا فنياً أو مالياً أو إدارياً حتى تتمكن من البقاء في السوق وعالم المال بعد الأزمة الطاحنة، وهناك شركات تنجو بل تعود أقوى مما كانت عليه في السابق، وفي الغالب تكون مشاكل الشركات ناتج من قلة حصافة أو خبرة الإدارة التنفيذية ومشكلة أخلاقية، خصوصا إن كانت تعتمد على المحاباة والمجاملات في التوظيف ووضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب.
ومن نافلة القول إن سوء الإدارة في الشركات والمؤسسات هو من أهم أسباب المشاكل وغرق الشركات، حيث لا يتم النظر إلى الكفاءة المهنية عند اختيار بعض أصحاب القرار، وتجد هناك شبابا في الكويت يحملون شهادات من أعرق جامعات العالم ولكن لا يجدون وظائف بسبب المحاباة والواسطات، دون حسيب أو رقيب.
والرجل الحصيف هو الذي يتعظ بغيره، ولعل هناك الكثير من الدروس والعبر التي نستفيد منها من الأزمة المالية ومنها:
أولاً: أن الأخلاق وإدارة الأعمال وجهان لعملة واحدة، ولايمكن فصل أحدهما عن الآخر، وإذا كان الرجل الأول في المؤسسة ليس لديه قيم فلن ينجح على المدى البعيد من إدارة العمل والنجاح، وسيكون لديه جشع في النظر للأرباح فقط، لذلك سيستخدم كل الطرق الصحيحة وغير الصحيحة، ولو نظرت لأي مشكلة تحدث لرأيت أن أساسها نقص في احدى القيم.
ثانياً: قبل سقوط أي مؤسسة تكون هناك علامات وإشارات، وهناك صفارات إنذار تكون واضحة، ولكن المكابرة وعدم الصدق مع النفس يتسبب بكوارث، وعدم الإنصات لأهل الاختصاص.
ثالثاً: تضخم أحد قطاعات الأعمال بطريقة غير منطقية كما حدث مع العقار السكني في أميركا، لدرجة أن شركات المقاولات زادت شهيتها في البناء نتيجة الطلب المتزايد، وبسبب اغراءات بنوك الاستثمار التي قامت بشراء المديونيات من البنوك التقليدية فاقم المشكلة.
رابعاً: عند إفلاس إحدى الشركات الكبرى أو البنوك نشاهد حالة من الذعر والخوف تجتاح أسواق المال، ولعل غالبيتها بسبب العامل النفسي وليس الفني، وهذا يسبب تفاقم المشكلة أكثر، فالناس في وقت الأزمات تحتاج إلى إدارة علاقات عامة بالشركات تتحدث بكل شفافية... وهذا غير موجود مع الأسف.
خامساً: الأسواق تحتاج إلى الثقة، ومن دونها تحدث أزمات، وعندما تفقد فمن الصعب تعود مرة أخرى، كما أن زيادة الرقابة ومحاسبة المقصر عوامل محفزة للاستثمار.
سادساً: شركات التقييم والتصنيف والوكالات العالمية كانت جزءا من المشكلة، حيث إنها كانت لا تقول الحقيقة، وتخفي الكثير من المعلومات عن المساهمين، ولعل سقوط البنوك في الازمة المالية خير دليل وشاهد.
سابعاً: إن الأزمات الكثيرة أو نزول النفط هو في الحقيقة فرصة ومنحة لتعديل جميع المسارات المقلوبة، والكل يشترك في هذا التصحيح دون استثناء أحد من السلطتين التشريعية والتنفيذية وحتى المواطن، فمطلوب من السلطة التنفيذية أن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وتبتعد عن توزيع المناصب كما توزع الهبات والعطايا، أما السلطة التشريعية وعضو مجلس الأمة من المفترض عليه ألا يكون حجر عثرة، أما الإصلاح الحقيقي من أجل مجموعة من الأصوات، فلا بارك الله بالأصوات التي تكون على حساب وذات الوطن الذي أعطانا الكثير ومازال ينتظر منا ولو القليل.
ثامناً: الكويت مرت بأزمات سابقة أعنف وأخطر من أزمة الرهونات العقارية أو نزول أسعار النفط، وتجاوزتها وعادت الأمور إلى مجاريها، مثلما حصل في سوق المناخ الكويتي عام 1982 وما تبعه من انهيار تام لسوق الأوراق المالية، ثم الحرب الإيرانية-العراقية التي امتدت لسنوات، وبعد ذلك الغزو العراقي الذي أدى إلى وقف وشل البلد لتسعة اشهر... ولكن بفضل الله ثم تماسك الشعب الكويتي بمختلف فئاته وطوائفه، لدرجة أن الكثير من أصحاب الخلافات تساموا عنها من أجل الوطن وعادة الأمور لمجاريها.
تعليقات