ماذا يعني لنا استشهاد الحسين.. بقلم إبراهيم بهبهاني
زاوية الكتابكتب د.إبراهيم بهبهاني سبتمبر 19, 2018, 10:46 م 1002 مشاهدات 0
القبس
باب هاني- ماذا يعني لنا استشهاد الحسين
د. إبراهيم بهبهاني
من أروع ما قرأته، تلك العبارات الملهمة التي وردت في نهج البلاغة للإمام علي (ع)، عن أهل البيت: «لا يخالفون الحق، ولا يختلفون فيه، هم دعائم الإسلام ولوائج الاعتصام بهم عاد الحق في نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه من منبته».
الكتابة عن استشهاد الإمام الحسين (ع) في اليوم العاشر من محرم ليس بجديد، فالمؤرخون وأهل السير سطرت أقلامهم تلك الملحمة العظيمة، ورسالة الاستشهاد استوقفت وهزت الأَمَمُ، لما حملته من مضامين بالعقيدة والثبات عليها والتضحية في سبيل رفعة الإسلام.. ومنزلة الإمام بكونه من أهل البيت وعند جدهم الرسول (ص)، هي رسالة صافية للمزايا والصفات التي حملها في ذلك اليوم العصيب.
محنة الإمام الحسين هي محنة آل البيت والمسلمين، هي مأساة كارثية، قتل فيها الشهيد وسبعة عشر شاباً وطفلاً من أهله، وأكثر من سبعين رجلاً من أصحابه، فيهم الصحابي والتابعون، وتلك الواقعة المفصلية في التاريخ الإسلامي جعلت من كربلاء مزاراً مقدساً يفد إليها الملايين من البشر.. قتل الإمام في أول سنة إحدى وستين من الهجرة، ومن يوم مقتله وإلى اليوم، بقيت الفاجعة كبيرة وحاضرة إلى يومنا هذا، فالحسينيات نسبة إلى الحسين ما زالت تقيم الذكرى، والفاجعة لا تزال حية في أذهان المؤمنين والعارفين، وأنقل هنا بعض أبيات من قصيدة للشيخ عبدالحسين الأعمر، كما وردت في كتاب «أهل البيت منزلتهم ومبادئهم» للشيخ محمد جواد مغنية:
يا وقعةَ الطَّفِ كم أوقدت في كبدي … وطـيسَ حزن ليومِ الحشرِ مسجورا
كـأنَّ كـلَ مـكانٍ كـربلاء لـدى… عـيني وكـل زمـانٍ يوم عاشورا
إن الظلم لم يتوقف وما زالت معالمه بادية في مجتمعاتنا وأحوالنا، لذلك عندما يشار إلى موقعه كربلاء فإنما يشار إلى معاني الفاجعة وما تمثله من مبادئ وقيم إنسانية نحن بأمس الحاجة إليها.. إن واقعة الطف تتكرر حين يتحكم القوي بالضعيف، وفي الأوقات التي ترتفع فيها أصوات المفجوعين والمظلومين فإنها تحاكي الواقع الذي نعيشه، وبأنه لا يجوز السكوت عن الظلم، وأن من آمن بذلك الحق لابد أن يناله حتى وإن طال الزمن.
الرسالة التي تركها لنا استشهاد الإمام هي في أحد جوانبها احتجاج على الذين يقفون مع الفاسق الجاهل، ويفضلونه على المؤمن الفاضل، ويقدمون المجرم اللئيم على الطيب الكريم، كما يقول الشيخ الجليل، مؤلف الكتاب أعلاه، ثم يورد أبياتا للحاج هاشم الكعبي يصف فيها حيرة النساء الفاطميات ولوعتهن حتى انتهت المذبحة، وشاهدن مصرع الشهداء، وأجساد الإمام وأصحابه ملقاة على الأرض مضرجة بالدماء، ورأس الإمام على الرمح يقول:
وثواكلٌ في النوح تُسعد مثلها .. أرأيت ذا ثكل يكون سعيدا
ناحت فلم تر مثلهن نوائحا .. إذ ليس مثل فقيدهن فقيدا
لا العيس تحكيها إذا حنت ولا الـ .. ورقاء تحسن عندها الترديدا
سأختم مقالتي هذه وأنقل ما نسب إلى الشاعر والأديب محمد مهدي الجواهري عندما زار كربلاء، يوم عاشوراء.. أنه زارها وشم أرضها ليتسرب إلى نفسه نسيم الإباء والكرامة، ويهب على قلبه ريح التضحية، وعفر خده بتراب قبر الحسين، الذي لم يخضع لظالم، وجالت الخيل على صدره وقلبه، ولم يهادن ويماري من سلب الشعب حريته والأمة حقوقها، ونثرت السيوف لحمه دون رأيه وضميره، ورفع رأسه على الرمح دون عقيدته وإيمانه، واطعم الموت خير البنين، والأصحاب دون مبدئه ودعوته.
كربلاء تعني لنا رمزا للحرية والمساواة، وعنواناً للتضحية ضد الظلم والطغيان، فرحمة الله عليك يا أبا عبداللَّه الحسين وعلى من استشهد معك.. «إنا للَّه وإنا إليه راجعون».
تعليقات