تلوّث مياه البصرة.. إنذار لأزمات مياه مقبلة.. يحذر حامد الحمود

زاوية الكتاب

كتب د.حامد الحمود 3591 مشاهدات 0

د. حامد الحمود

القبس

تلوّث مياه البصرة.. إنذار لأزمات مياه مقبلة

د. حامد الحمود


تعبيراً عن غضبهم على إيران التي حوّلت مياه نهر كارون الذي يصب في شط العرب، حاول المتظاهرون في البصرة إغلاق الطريق المؤدي إلى منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران. فقد كانت التراكمات من بينها تحويل مياه نهر كارون، وروافد أخرى تنبع من إيران وتصبّ في دجلة، إضافة إلى بناء سدود في تركيا أدت إلى خفض انسياب المياه في دجلة والفرات إلى العراق، وإلى تعدّي محافظات شمال البصرة على حصة البصرة من المياه، كل هذا أدّى إلى نقص المياه في شط العرب، ما أدى إلى تمدد مياه الخليج العربي داخل شط العرب مسافة 40 كلم.

ووفقاً إلى المهندس كاظم القيلاني الذي نشر تصريحه في «الشرق الأوسط» في 2018/9/1 فقد بلغت الملوحة في المياه التي توفّرها الدولة عشرة اضعاف الحد الأعلى المسموح به لتكون صالحة للشرب، اضافة الى احتوائه على شوائب أخرى وميكروبات، ما سبّب حدوث حالات تسمّم ومغص معوي، أدت إلى استقبال المستشفيات حوالي 17 ألف حالة خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أغسطس، وكان معظمها بسبب اضطرار الفقراء من المواطنين إلى شرب مياه الصنبور، لعدم قدرتهم على شراء المياه المعبأة. وما تمر به البصرة من أزمة نقص وتلوث للمياه ليست حالة شاذة مؤقتة، وإنما يتوقع أن يتكرر في كثير من مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وباستثناء تركيا فإن جميع دول المنطقة تعاني من نقص في وضعها المائي. وقد حدث أن تظاهر المواطنون في خورمشهر في إيران في شهر يوليو الماضي بسبب نقص المياه. ويرى جورج جفني من جامعة كنجز كوليج أن المنطقة ستعاني من أزمات ونقص أكثر حدة في المياه، خلال العقود المقبلة، خاصة أن تعداد سكانها سيرتفع من 300 مليون إلى 600 مليون عام 2050.

ويرجع نقص المياه في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا إلى أن هذه المنطقة يعيش فيها %6 من سكان العالم مع توافر %1 فقط من المياه المتوافرة على وجه الأرض. وإن كانت الطبيعة توازن عادة ما بين عدد السكان وتوفر المياه، فإن اكتشاف النفط وتوافر الوقود الرخيص أخلا بالمعادلة. فما لم يكن متوافرا اصبح يتوافر على أعماق أكثر. فبعد أن كانت المياه تضخّ من مخازن طبيعية على أعماق 45 مترا، أصبحت تضخ من أعماق تصل إلى آلاف الأمتار في السعودية وإيران، واليمن. لذا، أصبحت بعض المناطق في طهران ينزل مستواها حوالي قدم واحدة سنويا، وفقا لتصريح لأستاذ الجيولوجيا الإيراني رضا أدركيان لصحيفة التايمز اللندنية في 2018/7/4.

وموضوع المياه يرتبط بصورة مباشرة بموضوع إنتاج الغذاء، فتبلغ نسبة المياه المستهلكة في الزراعة حوالي %87، ووفقا للدكتور جورج جوفي من كنجغز كوليج، فإن الإنسان يحتاج يوميا من الغذاء ما يعادل 2800 كيلو كالوري، وإن إنتاج هذه الحاجة اليومية من الغذاء يستهلك حوالي 3500 ليتر، والذي يوضح الاستهلاك العالي للمياه في إنتاج الغذاء.

إن حالة المنطقة يجب أن تتحوّل من حروب من أجل المياه إلى تعاون من أجل إدارة أفضل للمياه. فهناك فرص كبيرة لتوفير مياه للجميع بإدارة أفضل. ولعل أهمها: تقليل الهدر والضائع من خلال الانابيب، حيث يتسرّب حوالي %50 مما تحمله إلى التربة.

إن أحداث البصرة التي تظهر مدى غضب أهلها من عجز الدولة على توفير أبسط حاجات الإنسان تعتبر جرس إنذار بتدهور الوضع المائي في المنطقة. فكما ذكرنا، قبلها بشهر، أظهرت خورمشهر (المحمرة) غضبها لنفس السبب. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن هذا التدهور الذي تعاني منه البصرة يذكرنا بمؤتمر إعادة إعمار العراق الذي عقد في الكويت في فبراير الماضي. فالعديد من الدول خصص البلايين لإعادة إعمار العراق. فأين خطة إعادة إعمار العراق من توفير المياه الصالحة للشرب في البصرة؟

هذا كما ان الأزمة في البصرة لا تقتصر على نقص مياه وإنما الى حالات تسمّم نتيجة لتلوث مياه شط العرب وحدوث نفوق في اسماكه، يطرح التساؤل حول احتمال وصول هذا الخطر البيئي الى الكويت.

ورأى باحثان، تم التواصل معهما من متخصصي البيئة في الكويت، أن يتم التواصل مع جامعة البصرة حول هذا الموضوع، اضافة الى أن يبادر معهد الأبحاث، بالتعاون مع الهيئة العامة للبيئة، بأخذ عيّنات من المياه البحرية الأقرب إلى شط العرب.

تعليقات

اكتب تعليقك