سلوك هذا العالم الشاذ الذي نحياه فيه من الغرابة الشيء الكثير.. هكذا يرى مظفر عبد الله
زاوية الكتابكتب سبتمبر 1, 2018, 11:12 م 476 مشاهدات 0
الجريدة
في لحظة نحن لا شيء
مظفر عبد الله
أول العمود: قضية الممرضات الهنديات اللائي جئن إلى البلاد للعمل لدى وزارة الصحة منذ عام ٢٠١٥ ولم يستلمن عملا، وبالتالي رواتب حتى الآن، لا يمكن إلا أن نسميها استهتارا بالبشر وعائلاتهم.
***
هل تتذكرون اغتصاب المنتمين إلى «داعش» نساء أيزيديات في العراق؟ وهل تراقبون إخراس محاولات التعبير عن الرأي في أكثر من بلد عربي؟ وهل قرأتم خبراً منزوياً في صحيفة حول اعتداءات جنسية لمعارضين سياسيين في السجون؟ وهل تعايشتم مع قهر فئات اجتماعية تعيش بيننا؟ وهل وعيتم ما يحدث من قهر للمرأة في المجتمعات العربية؟ وهل شهدتم زواج قاصرات لرجال طاعنين في السن؟ وهل شاهدتم معاناة عائلات فقدت رجالها في الحروب؟
هذا العالم الذي نعيش فيه: منظمة الأمم المتحدة، وقانون دولي، ومدونات لحقوق الإنسان محكمة الصياغة، ومحكمة للجرائم الدولية، وعشرات المنظمات الإنسانية، وفيه أيضا موجات عاتية من القهر والقتل البارد والحروب والاستغلال الجنسي والاضطهاد والاختفاءات القسرية.
سلوك هذا العالم الشاذ الذي نحياه فيه من الغرابة الشيء الكثير، فمع هدوء موجة اغتصاب في مناطق الحرب ينام هذا العالم وكأن شيئاً لم يكن، وكأنه يقول: حسناً انتهت المأساة ونأمل عدم تكرارها!! ومع غرق مئات في البحر من الهاربين من جحيم بلدانهم يصمت هذا العالم بعد أن تصبح لحومهم في بطون أسماك القرش!!
كل هذا العالم الواسع بمنظماته الإنسانية شهد مجازر البوسنة والهرسك ورواندا وسورية والعراق وميانمار وغيرها من البقاع الجغرافية لكنه- هذا العالم- لا يزال يتفرج والناس يقتلون والأطفال يُسحقون والنساء تغتصب، لكنهم لا يستطيعون حتى الدفاع عن أنفسهم ولو بالهرب إلى مكان آمن.
ألسنا في وضع جنوني، في حالة هستيرية يقودها بضعة قادة دول وميليشيات عسكرية تنفذ أجنداتها على جثث الأطفال والنساء الذين لا يملكون قلما وورقة لكتابة عريضة أو شكوى!
نحن في لحظة ما لا شيء، أو لربما أقل قيمة من الهباء، لا قيمة أن يموت الناس في حوادث تفجير أو دهس من قبل مجرمين ومتطرفين، والأدهى من كل ذلك هو تعاطي العالم مع هذه الجرائم من باب رصدها وإحصائها لتكون أرقاماً في أرشيف المنظمات الدولية ومادة للكتابات اليومية.
فعلاً ويقيناً، نحن في لحظة ما لا شيء، لا شيء على الإطلاق، فكما ننظر إلى موت عصفور بلا مبالاة، صرنا ننظر إلى اغتصاب امرأة أو قتل أطفال بصاروخ بأنه متساوٍ مع حالة العصفور، هكذا بلا حياء.
تعليقات