كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على العمل والوظائف مستقبلاً؟.. يتسائل صقر الغيلاني
زاوية الكتابكتب صقر الغيلاني أغسطس 16, 2018, 10:45 م 782 مشاهدات 0
الانباء
كيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي على العمل والوظائف مستقبلاً؟
صقر الغيلاني
عندما نقارن شكل العمل اليوم بعشر سنوات مضت فسنجد اختلافا كبيرا بما حققته التكنولوجيا من تغيير في انجاز الأعمال المختلفة، فمن كان يعتقد أن هناك شركات يعمل موظفوها من البيوت بدون الحاجة إلى مكاتب فعلية أو يتم عقد اجتماع مع عدة أشخاص في دول مختلفة من الكمبيوتر أو تحويل الكثير من المعاملات الورقية الى إنجازها بضغطة زر من شاشة الهاتف؟ انه تحول كبير في طريقة عملنا أدت الى الزيادة في الكفاءة وتحقيق أعمال أكثر في وقت أقل ولكن ماذا عن مستقبل العمل في السنوات العشر القادمة؟
قبل الحديث عن الذي سيغير العمل مستقبلا علينا التحدث عن الميكنة Automation التي قامت العديد من المؤسسات بتطبيقها، وتتم هذه العملية ببرمجة الآلات أو الكمبيوتر بـ«لوغاريتمات» وتتكون من خطوات محددة تقوم بها الآلة أو الكمبيوتر لإنجاز عملية ما مثل حجز تذاكر السينما عبر الانترنت أو تعبئة المنتجات بالمصانع وغيرها من أنشطة. وتمتاز الميكنة بأنها تزيد الكفاءة في العمل وتقلل الأخطاء وتمنع حوادث العمل وتوفر التكاليف وتعفي الموظفين من عبء الاعمال الروتينية التي تصبح مملة بعد فترة، ولكن من عيوبها الرئيسية انها تستغني عن الموظفين مما قد يفقد بعضهم وظيفته وانها مكلفة في بداية إنشائها بسبب البرمجيات والتصنيع.
هذا ما حصل منذ سنوات ولكن في السنوات العشر القادمة سيتغير العمل بشكل جذري بدخول الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence في سوق العمل وسيكون له دور كبير في انجاز الأعمال المختلفة، وما يميزه عن الميكنة الاعتيادية هو قدرته على التعلم وتحسين العمل، وتسمى هذه الخاصية بـ«تعلم الآلات» Machine Learning. حيث كما ذكرنا فإن الميكنة الاعتيادية تسير فيها الأجهزة وفق خطوات محددة مبرمجة مسبقا فلا يستطيع الجهاز الخروج عنها. مثال على ذلك إذا كان الجهاز مبرمجا على تعبئة علب مربعة بالشوكولاتة فقط فعند حصول خطأ في عملية التعبئة أو ظهور علبة مستطيلة فلن يستطيع الجهاز تعديل الانتاج مع ظهور الشكل الجديد او ان يوقف عملية الإنتاج إذا لم تكن مبرمجة مسبقا مما يحتاج الى العنصر الإنساني لكي يتم التدخل وتعديل ما حصل.
ولكن الذكاء الاصطناعي سيستطيع القيام بعمل الميكنة الاعتيادية بالإضافة الى مراقبة العملية التي يقوم بها وتحليلها وتعديلها لكي يقدم نتائج أفضل بسبب قدرته على التعلم بدون الحاجة الى الانسان.
تقوم الآن العديد من الشركات باستخدام هذه التكنولوجيا وتطبيقها في العمل ولا تقتصر على المصانع فقط بل تمتد الى العمل الإداري وغيره من القطاعات، وسيتم استخدام الروبوتات أيضا كنوع من الميكنة بالذكاء الاصطناعي، فأحد الأمثلة هو «الشيف الإلكتروني» الذي يتكون من مطبخ به أذرع صناعية يقوم بطبخ الأكل بدون الحاجة الى الانسان مما سيفقد بعض الطباخين وظائفهم إثر ذلك.
ومثال آخر هو روبوتات تتصل بالزبائن عن طريق الهاتف وتأخذ آراءهم عن منتج لعمل استبيان وتستطيع أيضا محاولة إقناع الزبون بالشراء ومن الصعوبة التمييز بأن المتصل هو روبوت وليس انسانا حقيقيا.
ومن المتوقع مستقبلا ان تتأثر وظائف أكثر تعقيدا مثل الأطباء والمحللين الماليين وغيرهم بهذه التكنولوجيا بسبب قدرة الآلات على التعلم، الأمر الذي يبدو كأنه أفلام الخيال العلمي التي شاهدناها ونحن صغار.
هناك من يشكك في قدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بوظائف الانسان مستقبلا، حيث في عام 2004 كتب مؤلفان من جامعة «هارفارد» وجامعة «ماساتشوستس» للتكنولوجيا كتابا اسمه «التقسيم الجديد للعمال» وقد ذكرا أن الكمبيوتر لن يستطيع أبدا أن يقود سيارة وذلك للتعقيد في عملية قيادة السيارات التي تستدعي العديد من عمليات اتخاذ القرار بسبب المفاجآت التي تحدث في الطريق، ولكن عندما نقارن ما قيل مع تكنولوجيا سيارة «جوجل» اليوم التي تقوم بتصوير الشوارع من أجل الخرائط، فقد قامت بقطع 300.000 ميل بدون حادث مروري واحد.
تأثير الذكاء الاصطناعي لن يتوقف عند التخلي عن الوظائف فحسب ولكن سيؤثر ذلك على الرواتب حيث في المؤسسات التجارية يتم صرف الراتب حسب الأعمال التي يقوم بها الموظف، ومع دخول الذكاء الاصطناعي في العمل ستأخذ بعضا من أعمال الموظف وتقوم بها الآلات وتتغير مهام عمله، وبالتالي سيكون تعويض الموظف أقل من السابق. كما سيحتاج الموظفون لأن يتعلموا مهارات جديدة وذلك بسبب قيام الأجهزة بأعمالهم.
العديد من الدول والشركات التجارية تناقش هذا الموضوع بجدية منذ العام الماضي ويحاولون جاهدين بالاستعداد لهذا التغيير وإيجاد حلول للمشاكل التي قد تنجم عنه لأنه لا يمكن التنبؤ بقدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بأعمال أكثر تعقيدا وهناك أهداف متضادة بالنسبة للشركات والحكومات لأن الأولى تسعى لتقليل الموظفين وتكاليفهم والثانية تسعى لتشغيل أكثر عدد من المواطنين وتقليل البطالة.
تعليقات