محمد السداني يكتب.. «أزعجونا هؤلاء الناس»!

زاوية الكتاب

كتب محمد السداني 3569 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات-«أزعجونا هؤلاء الناس»!

محمد السداني


قبل النص: قبل أن تزمجر وتكشّر عن أنيابك في الدفاع... أو التصفيق، اقرأ المقالة بتمعن يا سيدي الفاضل!

حوارٌ دار في إحدى الديوانيات التي أزورها، عن مشكلات البلد، وأن المشكلة من الفئة هذه من دون غيرها وبدأ كلٌ يدلي بدلوه في هذا الأمر عازياً جميع مشكلاتنا للمذهب والعرق والدين والأصل، وأنا في صمتي الخارجي تضجُّ روحي بالحيرة والتساؤلات التي لا أعرف لها إجابة، فكيف لهؤلاء المثقفين أن يفكروا بهذا الأسلوب الرجعي، وكيف لنا أن نعزو مشاكلنا التي نعرف جيدا من السبب فيها إلى طائفة دون أخرى أو مكوِّن اجتماعي دون آخر، وكأننا نعيش ردَّة اجتماعية جاهلية يكون المخالف فيها مصيره الإقصاء والنفي ولربما يصل إلى القتل!

لا يمكن أن نصل إلى ما وصلنا له من تقدم، من دون أن نتقدم بأفكارنا وسلوكياتنا التي لا تتسم إلا بالجاهلية والإقصائية التي لم تبنِ دولاً ولم تثقف شعباً، فهل المطلوب أن ننفي كل مَن يخالفنا رأياً وديناً ومذهباً وأصلاً وعرقا من حياتنا! وهل من الممكن أن نعيش في مجتمع أحادي الفكر والسلوك والتوجه! لا أعتقد أن المطالب بإقصاء فئة من دون أخرى يعي تماما نتائج مطالبه وأفكاره، فلو تمعَّنا جيدا في دول حولنا لوجدنا سمة التخلف ظاهرة في أبسط الأشياء وذلك لسبب بسيط أنهم نفوا الآخر واعتقدوا أنهم يبنون دولا.

إنَّ المتفحص في المجتمعات المتقدمة، سيجد أن هذه المجتمعات قامت على أساس الاختلاف، فاختلافهم ولَّد عندهم قبولا للآخر بكل ما لديه من أفكار وقيم ومبادئ وسلوكيات ودين ومشاعر، فتخرج هذه المجتمعات مليئة بتنوع ثقافي جميل جدا يكون فيه المواطن مواطنا بناء على ما يحمله من معاني المواطنة تجاه بلده ومجتمعه، فلا يمكن أن تكون مواطنا صالحا إلا إذا كنت تحترم مجتمع هذا الوطن بجميع تنوعاته واختلافاته، تحترمه احتراما ينُمُّ عن قبول للآخر ويرحب به كأخ وصديق وزميل في بناء مجتمع يحتاج للجميع في ترسيخ قواعده وأساساته.

قال لي أحدهم مرة: يا أخي أزعجونا هؤلاء الناس «فقلت له: هل تريد مني أن أرمي هؤلاء الناس في البحر؟!»

إن واجب المجتمع ومؤسساته والدولة، أن تذيب مكامن الخلافات وتجعل التجانس صفة المجتمع وروحه المتدفقة، فلا مناطق لفئة بعينها، ولا مدارس لقبيلة بذاتها، فالجميع لا بد أن ينصهر تحت شمس هذا الوطن ويكون جزءا لا يتجزأ من الوطن.

خارج النص: 

- لو التزم أهل جواخير كبد بالعدد المحدد لتربية الأغنام وهو 100 رأس لآلاف الجواخير، أعتقد أننا بوسعنا تصدير ماشية لجميع دول العالم، لكن الجواخير أصبحت متنزهات للبشر وأماكن استراحة «للأسف».


تعليقات

اكتب تعليقك