حسن جوهر يعدد مواصفات رئيس الوزراء القادم ومنها شخصية قادرة على قراءة الواقع السياسي ومقتضيات النهوض به بما يلامس مشاعر الناس، خصوصاً البسطاء منهم
زاوية الكتابكتب إبريل 7, 2009, منتصف الليل 411 مشاهدات 0
على الرغم من مئات القرارات الارتجالية والمبنية على ردود الأفعال دون احتساب تبعاتها المستقبلية ونتائجها الكارثية، لم نكن نتوقع أن نرى اليوم الذي يتم فيه التعامل مع أحد أهم المناصب العليا في الدولة على الإطلاق بطريقة 'الدلالين' كما يحدث الآن، فقد أصبح لدينا بورصة جديدة باسم رئيس مجلس الوزراء القادم من خلال تسريبات لا يعلم مَن يقف وراءها أو حتى مدى دقة معلوماتها، وفي الحالتين، فإن مثل هذا التوجه يحمل مدلولات خطيرة وأعباء سياسية ثقيلة جداً وبالتأكيد لا يتحملها الوضع العام المتوتر الذي اختلط فيه الحابل بالنابل!
وفي الدرجة الأولى، فإن الترويج للأسماء المرشحة لرئاسة السلطة التنفيذية، وما أدراك ما السلطة التنفيذية من حيث القوة والصلاحيات والإمكانات؟ على شاكلة تسريب أسماء وكلاء الوزارات ومرشحي الانتخابات الفرعية وشائعات نزول 'فلان' أو 'علنتان' في الانتخابات القادمة، يحمل مسماراً جديداً وكبيراً في نعش ما تبقى من هيبة الحكومة والحكم، هذه الهيبة التي تعرضت للكثير من الهوان والضعف لأسباب تعود إلى مشاكل العائلة نفسها إضافة إلى إفرازات الحراك السياسي المستمر منذ سنوات عدة، والتي لم تستطع الحكومة ومتولو إدارتها من أبناء الأسرة الحاكمة مواكبتها والتفاعل معها موضوعياً، ناهيك عن الافتقار لروح المبادرة والابتكار لتقديم أي بدائل أو أطروحات من شأنها المساعدة في وضع أسس وقواعد جديدة للعمل السياسي والارتقاء بالتجربة الديمقراطية.
كما أن توقيت تسريب الأسماء لمنصب رئاسة الوزارة القادمة، وإن كان ذلك كجس نبض سياسي أو كبالون اختبار أثناء فترة انتقالية متمثلة بالإعداد لانتخابات مبكرة قد يكون اجتهاداً قاتلاً لسببين: أولهما زج الشخصيات السياسية العليا الجديدة أو حتى الحالية في أتون الحملات الانتخابية ودعاياتها السياسية وحصر البرامج الانتخابية في زاوية ضيقة ترتكز على استهداف الجوانب الشخصية للرئيس المحتمل أو المسوَّق له على حساب القضايا الملحة التي تمس الحياة اليومية للمواطن، دع عنك حتى مجرد التفكير بمستقبله ومستقبل أبنائه.
أما السبب الآخر في خطورة تسمية رئيس الوزراء القادم والترويج لذلك قفزاً على التسلسل الدستوري الذي ينص على تعيين سمو الأمير لرئيس الوزراء بعد ظهور نتائج الانتخابات العامة، فيكمن في سهولة ضربه وكسر مجاديفه مبكراً سواءً بواسطة خصومه من أبناء العمومة أو المرشحين الذين يمثلون امتداداً لهم، أو خلق اصطفاف سياسي مبكر بين هذه الأطراف، أو حتى قيام المرشحين بإغراقه من الآن بسيل من المطالبات والشروط المسبقة مقابل محاولات التودد له من قبل منافسيهم، وبالنتيجة سيكون كل ذلك على حساب مصالح الناخبين وطموحاتهم وأولوياتهم، وفي كلتا الحالتين تكون المحصلة النهائية الخروج عن موضوعية الانتخابات وحياديتها وقدرتها على تمثيل الأغلبية الشعبية، ويكفى ما تعانيه الانتخابات أصلاً من ويلات الرشاوى والفرعيات والفزعات الطائفية والطبقية والقبلية!
إن ما تحتاجه الكويت وبشكل غير مسبوق هو فكر ومدرسة سياسية يتجسدان في شخصية رئيس مجلس الوزراء التي ينبغي أن تكون، وبذات الأهمية والإلحاح، شخصية قادرة على قراءة الواقع السياسي ومقتضيات النهوض به بما يلامس مشاعر الناس، خصوصاً البسطاء منهم، وهمومهم واحترام قلقهم الصادق على مستقبل أطفالهم، وأن يتمتع هذا الرئيس بقدرة كبيرة على اختيار فريق عمل يسندونه ولا يغرقونه، يقوونه لا يستقوون به، يحرسون معه الأموال العامة لا يفتحون خزائنها لأهل الحظوة والنفوذ، يطبقون معه القانون لا أن يركعوه لمن يخافون منه، ويضعون نصب أعينهم مصلحة البلاد والعباد لا كراسيهم!
تعليقات