لماذا يعيش الفرقاء السياسيون والفكريون في الكويت حالة حادة من ضيق الأفق في اختلافاتهم؟.. محمد المقاطع متسائلا

زاوية الكتاب

كتب 778 مشاهدات 0

د. محمد المقاطع

القبس

الديوانية- حماقة الاختلاف السياسي أو الفكري

د. محمد المقاطع

 

لماذا يعيش الفرقاء السياسيون والفكريون في الكويت حالة حادة من ضيق الأفق في اختلافاتهم؟ لماذا يتدنى مستوى التفكير عند من نحسبهم «نخباً»، الى درجة لا يحتمل أي منهم مبدأ الاختلاف والتباين في التفكير والرأي؟ ولماذا يتجرد كل منهم من قيم الحوار وثقافة الاختلاف التي تستوعب الآخر؟ لماذا مسطرة التعامل عند هؤلاء في مواقع مسؤولياتهم العامة والخاصة منطلقها ليس وطنياً، بل انتماء سياسي أو فكري؟ لماذا يعيش التيار الليبرالي، أو لنقل «بعض زعامات التيار الليبرالي»، حالة الصراع، التي تضيق بالرأي الآخر، وتحديداً التي تنتقص التيار الإسلامي ثم تحاول أن تنتقص من الدين من دون مبرر؟ ولماذا يعيب بعض قيادات التيار الإسلامي على المعتدلين من الليبراليين لمجرد عدم التوافق في الطرح؟! لماذا التحامل الذي ينتهجه بعض المتحررين على التيار المحافظ إذا طالب بالحفاظ على قيم المجتمع وأخلاقياته؟ لماذا يغيب عن الجميع «المشروع الوطني» الذي يتطلب تضافر الجهود؟ لماذا سرعان ما يتخندق ويتدافع للاصطفاف الحزبي أو الفكري أو الطائفي أو القبلي عند إثارة أي متطفل أو مدسوس قضية تافهة لإشاعة الفرقة الوطنية وتكريس الاصطفاف؟

لماذا يغفل البعض أو يتعمّد أن يتجاهل الطبيعة المتنوعة للمجتمع الكويتي، فهو مجتمع محافظ، وثوابته وطنية شرعية مرعية ومعتبرة ومؤطرة دستورياً؟ لماذا يتنكر البعض لكون مجتمعنا سمح التدين، منفتحاً بلا تعصب أو تعسف، فليس في المجتمع الكويتي من يملك الوصايا على الآخرين من أي فريق من الفرقاء أياً كان توجهه أو فكره، إن على الجميع أن يعلم ويدرك، وعليه أن يتقبل خمس ركائز يتسم بها المجتمع الكويتي، وهي:

– أنه مجتمع يرتكز على مرجعية دستورية حددت شكل المجتمع سياسياً واجتماعياً واقتصاديا وهويته الثقافية والدينية.

– أن نزعته إسلامية بقيمه وآدابه ومثبتة بالدستور في العديد من النصوص والأحكام.

– أنه بني على التعايش بطبيعة التنوع والانفتاح الاجتماعي.

– وأن طبيعته إنسانية معتدلة في تقبل الثقافات والديانات والتعايش الإنساني والمجتمعي.

– وأنه ديموقراطي التعامل، سمته التوافق والرضائية، لا يقبل الفرض حتى من الحكومة، وتقبله للآخر سر قوته المستمرة.

– ولذا، فإن ظواهر الصراع السياسي وحماقات الاختلاف، التي صارت أداة ووسيلة البعض للبقاء السياسي، أو لفت الانتباه، ومحاولة التكسب الرخيص سياسياً، أو للحصول على الشهرة الشعبية والانتشار في وسائل التواصل الاجتماعي، هي أدوات الضعفاء غير الواثقين من أطروحاتهم أو الخاوين فكرياً، لكنهم يتلبسون لباس تيار محدد لغايات التكسب، وهم معول هدم ليس للمشروع الوطني فحسب، بل لمشروع الوطن ووحدته ورقي وتسامي أطروحاته السياسية والفكرية، وهنا يتوجب على زعامات العمل الوطني أن يدركوا هذه الحقيقة، لعزل المتطفلين على العمل الوطني، ممن يتكسبون بتغذية الخلاف وإشاعته، لأنهم لا يحسنون غير ذلك، ولا مكان لهم من دونه، وليكن الاختلاف حالة إيجابية تنمي قيم الحوار وآدابه، ولا تفسد الود ولا العمل الوطني، الذي أرهقه الصراع، وأضعفه التشرذم، وصار وسيلة لتسلق المتطفلين أو هيمنة الحكومة.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك