وزارة الاوقاف جهة حكومية كأي وزارة اخرى ولكنها يبدو انها كيان سياسي اكبر مما نتصور.. برأي خالد الطراح
زاوية الكتابكتب إبريل 1, 2018, 11:45 م 629 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- المجتمع المدني.. ووزارة الأوقاف!
خالد الطراح
الكويت دولة مدنية عربية مسلمة ذات دستور كفل لجميع المواطنين حقوقهم في «حرية الاعتقاد المطلقة» (المادة 35 من الدستور)، ولكن هناك خطابا دينيا متشددا خرج اخيرا في خطبة جمعة 2018/3/23 لوزارة الاوقاف، ويعتبر تمزيقا لعباءة تسامح المجتمع المدني الكويتي منذ نشأة الدولة.
خطبة الجمعة التي دافع عنها وكيل وزارة الاوقاف مطالبا بالتمعن في نصها بالكامل وهو رأي ليس محل اختلاف، لذا سأحاول تناولها باختصار وليس اختزالها.
عنوان الخطبة الرسمية للأوقاف هو «الإلحاد المعاصر وخطورته ومظاهره»!
اذا كان هناك فكر إلحادي معاصر رصدته وزارة الاوقاف لدى فئة في المجتمع، كما جاء في نص الخطبة، فمن الواجب عدم تعميم هذا الرأي قبل تحديد المصادر والأفراد الذين تبنوا الفكر الإلحادي بشكل قانوني، والتركيز بدلا من توجيه التهم على المتطرفين من مؤيدي برك دماء الابرياء باسم الدين وهم كثر في الكويت وخارجها، ولعل الاحداث التي عصفت في الكويت امنيا تؤكد ذلك وكذلك الاحكام القضائية.
اما عن الجزء الآخر المثير للاستياء لمجاميع من المجتمع المدني الكويتي فيكمن في الفقرة التالية: «الدَّعْوَةَ إِلَى الاِنْحِلَالِ مِنْ جَمِيعِ القُيُودِ الشَّرْعِيَّةِ وَالأَخْلَاقِيَّةِ, وَالدَّعْوَةَ إِلَى حُرِّيَّةِ المَرْأَةِ الَّتِي هِيَ فِي حَقِيقَةِ الأَمْرِ انْسِلَاخُهَا مِنَ الأَعْرَافِ وَالْعِفَّةِ وَالحَيَاءِ إِلَى عَادَاتِ الكُفَّارِ وَالاِنْحِلَالِ وَالتَّبَرُّجِ والسُّفُورِ».
لدى غالبية الاسر الكويتية ان لم يكن جميعها نساء غير محجبات، أي سافرات، فهل ذلك يعني انسلاخا من الاعراف والعفة وانحلالا اخلاقيا؟ هل يعني ذلك ان نساءنا من بنات وزوجات وأخوات وأمهات ممن لا يرتدين الحجاب انهن خارجات على الشرع وكافرات؟!
اترك الاجابة لوزير الاوقاف ووكيل الوزارة لربما لهما رأيان مختلفان لأسباب فكرية.
هناك جانب سياسي قفزت عليه وزارة الاوقاف حين تجاوزت نطاق دستور الدولة ووجهت في خطابها الديني ونهجها الدعوي تهما تحمل في طياتها تعديا على فئة اجتماعية محددة وخرجت ايضا عن نشر قيم التسامح في ظل دستور يجمع ولا يفرق بين مسلم سني وشيعي او مسيحي او نساء محجبات وسافرات او رجال ملتحين وغير ملتحين.
الكويت دولة مدنية وليست ثيوقراطية الا في حال هناك وضع آخر اكتشفته وزارة الاوقاف، وهو ما يستوجب توضيحه حتى نعرف طبيعة وضعنا السياسي والاجتماعي ايضا، لا سيما ما يتعلق بالمادة 6 من الدستور التي نصت على «ان نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا» وليس وزارة الاوقاف.
وزارة الاوقاف جهة حكومية كأي وزارة اخرى ولكنها يبدو انها كيان سياسي اكبر مما نتصور، حيث عاد طوفان التشدد، للأسف، بعد سنوات من الانحسار وأصبحت الوزارة وصية على المجتمع بكامله!
عدم تعليق مجلس الوزراء على خطبة الجمعة ليس مفاجأة جديدة لكن الاهم مواقف نواب الامة ممن يدعون مناصرة المرأة والمجتمع المدني من خلال المساءلة السياسية وليس البهرجة الاعلامية وتوجيه الاسئلة البرلمانية!
تعليقات